على مسافة حلم وطموح بمستقبل واعد تتنافس رغبات أبنائنا الطلبة وهم يفتحون نوافذ الغد لعبور بوابات الجامعة، بعد نيلهم شهادة الثانوية العامة بفروعها كافة مع أمنيات ورغبات الأهل الذين غالباً مايفرضون نوع وشكل الفرع والاختصاص الذي يحبونه هم بعيداً عن إمكانيات ورغبات أبنائهم ومدى محبتهم لهذا الفرع أو ذاك، فتبدأ النصيحة والاقناع عند الكثيرين لدراسة الطب والصيدلة أولاً وفروع الهندسة وغيرها ثانياً غير آبهين بوعيهم وإدراكهم لما يرغبون به أو يحجمون عنه.
ولأن العديد من الأبناء الطلبة يخجلون بحكم العادة والتربية أن يرفضوا أمنيات الأب والأم والمقربين، فهم يقعون ضحايا العمل برغبة الآخر والانصياع لإرضاء غرورهم وبرستيجهم الاجتماعي ومفاخرتهم أن أبناءهم يدرسون كذا وكذا..
والنتيجة حصول الاكتئاب لتداعيات رغبة غير مقنعة عند البعض، والتمرد ومناكفة الأهل عند آخرين، ما يجعل النجاح وبناء المستقبل يتأرجح بين صراعات نفسية مختلفة تؤثر على النجاح وسنوات التخرج.
فمن الضروري بمكان أن يبادر الأهل إلى مد جسور الثقة منذ البداية، وتعزيز بناء شخصية الأبناء، من خلال الحوار المتوازن معهم، وسماعهم ومناقشة أفكارهم واقناعهم بعرض وجهات نظر متعددة تصب جميعها في خدمة احلامهم وطموحاتهم.
لا ضير أن يرسم لهم الأهل طريق المستقبل بخطوطه العريضة شرط أن يلونوه هم بريشة أحلامهم والتي تختصر الكثير من الصعوبات والتحديات، فالرغبة الصادرة من نبض “الابن، الابنة، الطالب، والطالبة ” من الصعب إن تتعثر أو تنحرف في غير اتجاه لأن فعل التحدي لما يحبون، يخلق صرامة في المواقف ويحرض على النجاح والتفوق وتحمل المسؤولية.
من المؤسف ان ترى أمام عينيك شخص ما تعرفه جيداً وتعرف اجتهاده وإمكاناته وقدراته العلمية خلال مراحل دراسته، وحين وصل على أعتاب الجامعة وتخطى الثانوية بعلامات جيدة للفرع العلمي، اصطدمت أمنيته مع أمنية الأهل، فهو كان يرغب بدراسة هندسة المعلوماتية، والأهل يصرون على طب الاسنان، فكان لهم ما أرادوا، ما جعل حالة التعب والانكسار النفسي، وردة فعله السلبية تجاه الدراسة تنساق في غير اتجاه، بحيث لم يتولد لديه ذات الدافع والرغبة للنجاح في كل عام دراسي، بل تراكمت سنوات الرسوب، مع تسلل الكآبة إلى نفسه، ما انعكس ذلك توتراً وقلقاً على جو الأسرة لطالما غابت علامات السعادة والسرور عن وجه ابنهم الوحيد الذي درس طب الاسنان مجبراً ومكرهاً حسب رغبتهم، لا رغبته.
عين المجتمع – غصون سليمان