لماذا تسفه واشنطن جهود الدول في مكافحة كورونا؟

ثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي:
دأبت الإدارة الأميركية على التشدق بما تبذله من جهود في محاربة فيروس كورونا المستجد، وفي الحين الذي تسلط به الأضواء على المزايا التكنولوجية الأميركية نجدها تسفه الإجراءات والتدابير المتخذة من بقية الدول في مكافحة هذا الفيروس، كما أنها تقلل من أهمية التعاون الدولي في هذا المضمار، وبذلك فهي تحول هذه الأزمة إلى عملية تنافس بين الدول.
ومما يدعو للاستهجان أنه على الرغم من وجود أكبر عدد من الإصابات والوفيات بـ كوفيد-19 في الولايات المتحدة، فإن البيت الأبيض ما انفك ينشر حملة دعائية حول القوة العلمية والتقنية الرائدة التي تتسم بها الولايات المتحدة الأمر الذي حقق لها مزايا عديدة في اختبار الفيروس ومعالجته وتطوير لقاح له وتجريبه. ولم تكتف واشنطن بذلك، بل عمدت أيضا إلى الحيلولة دون قيام الحكومات بشراء معدات الاختبار الصينية، وكذلك أخذت تدعي أن دولا أخرى قرصنت الأنظمة الأميركية بهدف سرقة نتائج أبحاثها.
ونهجت الولايات المتحدة في رواياتها إلى إغفال حقيقة التعاون التكنولوجي العالمي غير المسبوق الذي تعزز في خضم الجائحة. ففي الرابع من حزيران عقدت قمة اللقاح العالمي التي استضافتها المملكة المتحدة حيث جرى جمع مبلغ قدره 8.8 مليار دولار من 62 حكومة مانحة و12 مؤسسة وشركة ومنظمة بهدف تقديم المساعدة إلى تحالف اللقاحات “جافي” لتحصين أكثر من 300 مليون طفل من الإصابة بالأمراض المعدية ودعم المكافحة العالمية لوباء كوفيد-19.
أيدت منظمات الأبحاث، على غرار مجلس الأبحاث العالمي، فتح نتائج الأبحاث والبيانات وتبادلها لتحقيق تقدم في مجال إجراء التشخيص واللقاح وتدابير الوقاية، وتمثل ذلك بمشاركة عمالقة التكنولوجيا، على غرار فيسبوك وتويتر وميكروسوفت وتيك توك ووي شات، مع منظمة الصحة العالمية لتطوير برامج مقاومة لفيروس كورونا. وأبرمت شركات متعددة الجنسيات بما فيها “أي بي أم وسيجيت وكانون” مبادرات مختلفة متعهدة بفتح ملكيتها الفكرية لتعزيز مكافحة كوفيد-19. بيد أن الولايات المتحدة تجاهلت التقارير التي تتعلق بمساهمة الشركات الأميركية الفاعلة في مجال التعاون العالمي والتعاون الصيني-الأميركي في مواجهة فيروس كورونا.
ومما يثير الاستهجان والامتعاض، قيام واشنطن بنشر أخبار عارية عن الصحة حول بكين خلال أخطر مرحلة من مراحل مكافحة الصين لهذا الفيروس، واستمرارها بالادعاء أن فيروس كورونا المستجد هو “فيروس صيني” على الرغم من دحض الخبراء والعلماء الأميركيين لهذه المزاعم الملفقة.
وذكرت الدراسة التي نشرتها مجلة “بلوس وان” تحت عنوان: “التعاون في زمن الأزمة: نماذج من التعاون الدولي في مطلع أبحاث كوفيد -19”: “كانت الولايات المتحدة والصين (ولا تزالان ) الجهتين الرئيستين في شبكة الأبحاث العالمية المتعلقة بفيروس كورونا، وتعززت علاقات الأبحاث الثنائية خلال موجة كوفيد 19، ما أفضى إلى تقديم 4,9% من مجمل المقالات العالمية خلافا لما كان عليه الحال قبل هذا الوباء، إذ كانت تلك النسبة 3,6” لكن ما فتئ البيت الأبيض يسعى إلى صرف الأنظار عما يحصل من تعاون عالمي نظرا لما يحمله من دوافع سياسية.
يتمثل الدافع الأول لدى البيت الأبيض بإغفال حقيقة مفادها أن قرارات الإدارة المناهضة للعلم قادت إلى أعداد قياسية من الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة. لكن مهما تشدق البيت الأبيض بإمكانية إلحاق واشنطن الهزيمة بهذا الوباء فإن المسؤولية تقع على كاهله نتيجة تجاهله الإنذارات والاقتراحات التي تقدم بها المجتمع العلمي، ونشر معلومات مربكة مضللة تتعلق بالوقاية من الأوبئة ومكافحتها بما في ذلك الترويج لبعض الأدوية دون الاستناد إلى أدلة علمية.
نتساءل أنه لو قادت الولايات المتحدة التطورات العلمية والتقنية على مستوى العالم، فإلى أي حد يصل تعداد الإصابات والوفيات؟ إذ نجد واشنطن تفقد فرصة تعزيز الإجراءات الوقائية لاحتواء الفيروس والسيطرة عليه في ضوء تزايد أعداد الإصابات والوفيات المحطمة للأرقام القياسية يوميا.
علاوة على ذلك، لم تدخر الإدارة جهدا في السعي لصرف الانتباه عن حقيقة مفادها أن اتباع سياسة “أميركا أولا” عرقلت عملية السيطرة على الجائحة في الولايات المتحدة إذ أنه عندما أخذ الفيروس بالانتشار على نحو واسع في جميع أنحاء العالم، كان البيت الأبيض منشغلا في تبني سياسة الحماية التجارية والسياسات الأحادية الجانب لإثارة استفزاز دول أخرى فضلا عن مهاجمة منظمة الصحة العالمية، ومن ثم تخليه عنها وتجاهله قمة اللقاح العالمي بدلا من التعاون مع سائر دول العالم لتعزيز مكافحة الفيروس عالميا واتباع الإجراءات اللازمة لاحتواء الوباء في الداخل.
وأثبتت التجارب أن العمل الجماعي هو السبيل الوحيد لمساعدة العالم في هزيمة الفيروس، ومع ذلك لم تدرك الولايات المتحدة أهمية تبادل المعلومات والتعلم من خبرات الدول الأخرى. يلقي البيت الأبيض باللائمة على الدول الأخرى

ومنظمة الصحة العالمية لجهة انتشار الفيروس في الولايات المتحدة. إذ تصور الإدارة أن أميركا ليست إلا ضحية نتيجة أخطاء ارتكبتها دول أخرى. كما يوجه البيت الأبيض أصابع الاتهام إلى الصين واحتجاجات الحقوق العرقية، وعمليا يلقي باللوم على كل دولة وكل منظمة باستثناء الإدارة الأميركية لتفشي الوباء في الولايات المتحدة، بينما يثابر البيت الأبيض على تجاهل المشكلات الداخلية وأخطاء الإدارة في الحكم التي أدت إلى تصاعد التذمر والانقسام الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمر الذي سيفضي إلى مزيد من الضرر للبلاد.
ونافلة القول، يبدو أن البيت الأبيض لن يعمد إلى تغيير في السياسة التي دأب عليها والقائمة على محاولة التملص من المسؤولية لأن اجراء تغيير في السياسات والانضمام إلى آليات التعاون العالمي سيجذب انتباه الرأي العام إلى إخفاقات الإدارة الأميركية. لكن حان الوقت الذي ينبغي به أن تقرّ واشنطن أن التعاون العالمي يمثل دعما لجميع الدول بما فيها الولايات المتحدة.
China Daily

آخر الأخبار
تعاون أردني – سوري يرسم ملامح شراكة اقتصادية جديدة تسجيل إصابات التهاب الكبد في بعض مدارس ريف درعا بدر عبد العاطي: مصر تدعم وحدة سوريا واستعادة دورها في الأمة العربية لبنان وسوريا تبحثان قضايا استثمارية خلال المنتدى "العربي للمالية" بينها سوريا.. بؤر الجوع تجتاح العالم وأربع منها في دول عربية سوريا تعزي تركيا في ضحايا تحطّم طائرة قرب الحدود الجورجية هدايا متبادلة في أول لقاء بين الرئيس الشرع وترامب بـ "البيت الأبيض" بعد تعليق العقوبات الأميركية.. "الامتثال" أبرز التحديات أمام المصارف السورية الرئيس اللبناني: الحديث عن "تلزيم" لبنان لسوريا غير مبرر الأردن يحبط عملية تهريب مخدرات عبر مقذوفات قادمة من سوريا انعكاسات "إيجابية" مرتقبة لتخفيض أسعار المشتقات النفطية قوات أممية ترفع الأعلام في القنيطرة بعد اجتماع وزارة الدفاع   تخفيض أسعار المحروقات.. هل ينقذ القطاع الزراعي؟ رفع العقوبات.. فرصة جديدة لقروض تنموية تدعم إعادة الإعمار اليابان تعلن شطب اسمي الرئيس الشرع والوزير خطّاب من قائمة الجزاءات وتجميد الأصول من واشنطن إلى الإعلام الدولي: الرئيس الشرع يرسم ملامح القوة الناعمة 550 طن دقيق يومياً إنتاج مطاحن حمص.. وتأهيل المتضرر منها  الرياض.. دور محوري في سوريا من هذه البوابة محاكمة الأسد.. الشرع يطرح قلق بوتين وتفاصيل الحل   الشيباني إلى لندن.. مرحلة جديدة في العلاقات السورية–البريطانية؟