تلتهم الحرائق كل عام مساحات كبيرة من الحراج والغابات، وتؤدي لخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وتتسبب بتدهور الغطاء النباتي جراء فقدان الأشجار المعمرة والنادرة، والقضاء على العديد من النباتات والأعشاب الطبية الموجود في الطبيعة، وتدمر النظام البيئي وتلوثه، وتعرض الكثير من أنواع الحيوانات والطيور والحشرات والكائنات الدقيقة للانقراض، ولها تأثير سلبي على الهواء والماء والتربة وتحويل مئات الهكتارات سنويا إلى صحارى.
تشير معظم الإحصائيات والدراسات إلى أن أسباب حرائق الغابات لدينا هي بشرية بامتياز أي بفعل فاعل، أو ناجمة عن الممارسات السلبية للسكان حيث قدر أن 95% من تلك الحرائق تنتج عن نشاطات إنسانية خاطئة سواء كانت بدون قصد أو بهدف إجرامي من قبل مافيات التحطيب والتفحيم للمتاجرة بها أو بقصد وضع اليد على الأرض بعد حرقها والبناء عليها أو استثمارها لاحقاً.
معضلة حرائق الغابات الحراجية ظاهرة تتكرر كل عام وخاصة في فصل الصيف للإيهام بأنها طبيعية كنتيجة حتمية لارتفاع درجات الحرارة، وإبعاد الشبهات عن القائمين بهذا الجرم، لذلك لا بد من البحث عن الدوافع لاستخدام النيران ومعرفة الأسباب الأساسية الكامنة وراء اشتعال الحرائق ولاسيما الجوار الذين هم على تماس مباشر مع الغابات، ومحاسبة المتورطين بصورة علنية ليكونوا عبرة لغيرهم، والإعلان عن أسمائهم وتحويلهم للمحاكم المختصة واتباع طرق أكثر تكامُلاً لمكافحة الحرائق ليس فقط بإخماد النيران بل أيضاً باعتماد أساليب المنع والوقاية، والإنذار المبكّر والاستعداد، الأمر الذي يتطلب تجهيز الكادر الحراجي وتدريبه بشكل جيد وتزويده بالمعدات والآليات الحديثة اللازمة.
الحرائق بكل أنواعها سواء المفتعلة أو غيرها تقضي على مجهود وتعب سنوات طويلة من العناية بالغطاء النباتي، كما تتطلب مقدرات هائلة من الآليات والوقود وتحتاج ميزانية عالية لإخمادها لذلك يجب احترام الغابة والعمل على رفع مستوى الوعي البيئي بأهميتها والمحافظة على نظافتها وعدم تعريضها للضرر سواء بالاعتداء على الأشجار بالتكسير او التحطيب أو ترك النار مشتعلة، وتوعية المواطنين بالآثار السلبية لهذه الجريمة إعلامياً واجتماعياً ودينياً، للمساعدة على خفض عدد الحرائق ومساحة الضرر الناتجة عنها ومعالجة المخاطر التي تهدد الغابات كالقطع والرعي الجائر، وتفعيل قانون حماية الحراج وذلك من أجل حماية ثروتنا الحراجية وغاباتنا الجميلة التي تعتبر رئة ومتنفساً حقيقياً ومصفاة طبيعية للغبار والدخان، وثروة اقتصادية للبلد وأحد أهم مقاصدها السياحية.