أسعار كل شيء ارتفعت بشكل جنوني بمقادير لا تقل عن خمسة أمثال بين شهر وآخر، وهو واقع يعرفه الجميع والمواطن لا زال يأمل بمن يعمل على تخفيض الأسعار معتقداً أن راتبه سيكفي مجدداً للنهوض باحتياجات حياته، بل ويفيض منه ما يكفي مؤنة شتائه ومدارس أولاده..
بشكل يومي وواثق تخرج سلعة جديدة من قائمة استهلاك المواطن، ليُطرح أرضاً نهاية بقاضية الفروج الذي خرج من مساحة غذائه.. أما التحليل الأبرز والأبعد عن الخجل فهو أن غلاء الفروج يمنع المواطن من الشراء، وبالتالي يقل الطلب ويزداد العرض، ما يعني انخفاض السعر وبالتالي سيكون المواطن قادراً على الشراء مرة أخرى..!!
بالفعل هو تحليل يعكس العقلية التي تدار بها الأسواق والاقتصاد المعاشي اليومي، فالمواطن غير موجود في خريطة اللعبة وكل التجارب والألاعيب الممارسة بين التجار والأجهزة الرقابية تنسى بشكل فعلي وجود المواطن..
بعقولنا التي لا ترقى للعقلية التحليلية السابقة، تراودنا أفكار مخجلة عن سبب عدم إنشاء وزارة الزراعة عبر مؤسستها مداجن أكثر وأكثر، وهي من تعرف تماماً أنه البروتين الوحيد الباقي للمواطن.. بل قد تشطح بنا الجرأة لنفكر في سبب عدم إنشاء الزراعة لأحواض مائية ضمن البحر المتصحّر لغياب الأشنيات والعوالق اللازمة لغذاء السمك عن مياهه، بحيث تكون أسراب السمك المزروعة حية في بيئتها الطبيعية ضمن الحوص الشبكي..!! بدلاً عن السمك المهرّب والذي يُباع في بازارات السمك في اللاذقية وطرطوس ومنها إلى باقي المحافظات..!!
غريب أمر هذه العقلية التي تدير أمور غذائنا.. والأغرب أن كل ما يمت للغذاء الزراعي بصلة بات مستحيلاً، فاللحم الأحمر من عجول وأغنام واللحم الأبيض من فروج وسمك بات مستحيلاً.. والرز والسكر وزيت القلي والجبن واللبن المصفى والفواكه والليمون إلى آخر الأصناف التي يمكن تعدادها باتت مستحيلة الشراء أيضاً.
الكنز -مازن جلال خيربك