المشاركون في ورشة عمل تقييميّة لعمالة الأطفال : الفقر هو السبب الرئيس وراء الظاهرة ومساعٍ لإنشاء نظام مراقبة على المستوى الوطني

الثورة أون لاين – ميساء الجردي:

ناقش المشاركون في ورشة عمل الدراسة التقييميّة لعمل الأطفال في سورية التي تقيمها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع منظّمة العمل الدوليّة لمدّة خمسة أيام لإنشاء نظام لمراقبة عمل الأطفال، جملة من أوراق العمل حول واقع الظاهرة، والقضايا التحليليّة، والدراسات القانونيّة، والثقافيّة، والاجتماعيّة، والإعلاميّة، والآليات العمليّة المتعلقة بالحدّ من عمالة الأطفال التي ترتفع مؤشراتها يوماً بعد يوم.
تناولت حوارات المشاركين خلال الأيام الثلاثة الأولى من المؤتمر موضوع التسرّب المدرسيّ وأثره في ترسيخ الظاهرة، والأعمال الخطرة التي يتعرّض لها الأطفال، والآثار الاجتماعيّة والاقتصاديّة والصحيّة والنفسيّة التي تلحق بالطفل والأسرة والمجتمع جرّاء ظاهرة العمالة، ودور منظمات المجتمع الأهلي والجمعيات للحدّ من هذه الظاهرة.
لافتين إلى دور الفقر والحاجة الماديّة في انتشار ظاهرة عمالة الأطفال في أسواق العمل، في ظلّ ظروف الأزمة، والحرب على سورية.
قدمت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال مدير التخطيط والتعاون الدولي محمود الكوا عرضاً حول الاتفاقيات الدولية المتعلقة بعمالة الأطفال والقوانين الناظمة لها، ودور الوزارة في الحدّ من انتشار الظاهرة عبر دوائر التفتيش الموجودة في المحافظات والتعاون مع الشركاء المعنيين ومن خلال المبادرات الوطنية، مشيراً إلى بعض المواد القانونية والتشريعية المتعلقة بعمالة الأطفال.
قدّم القاضي نبيل الخالد وكيل نيابة عامة في دمشق ملخصاً عن الإطار القانوني الناظم لعمال الأطفال والقصّر في سورية مبيناً ما تضمّنته بعض المواد من عقوبات رادعة للحدّ من الظاهرة، ففي المادة 509 يعاقب القانون كلّ من حضّ شخصاً أو أكثر ذكراً كان أو أنثى ولم يتم 21 من عمره على الفجور أو الفساد بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة مالية تصل إلى 10 آلاف ليرة سورية، وفي المادة 510 تستكمل العقوبة إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات على الأقل، بينما تركّز عقوبات المادة 599 على المتسوّل الذي يقوم باصطحاب ولد غير ولده أو أحد فروعه ممن هو دون العاشرة من العمر بالحبس من سنة إلى 3 سنوات وغرامة تصل إلى 50 ألف ليرة سورية.
موضحاً دور القانون في حماية القاصر حيث شملت المادة 604 عقوبات لكلّ من دفع قاصراً دون 18 سنة أو عاجزاً إلى التسول جرّاً لمنفعة شخصية بعقوبة الحبس مع التشغيل سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة تصل إلى 100 ألف ليرة سورية، بينما ركّزت عقوبات المادة 613 على معاقبة صاحب الحانة الذي يستخدم في حانته بنات أو نساء من غير أسرته دون 21 من العمر، وتتناول المادة رقم 487 عقوبات لمن أهمل واجبات أسرته تليها المادة 488 لكلّ من جنّد طفلاً دون سن الثامنة عشر من عمره بقصد إشراكه في عمليات قتالية أو غيرها من الأعمال المتصلة بها، ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة من 10 حتى 20 سنة وغرامة مالية من مليون إلى ثلاث ملايين، وإذا حدثت عاهة للطفل أو اعتداء جنسي عليه أو إعطائه مواد مخدرة تعدل العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبّدة وتكون العقوبة بالإعدام إذ أدّى الجرم إلى وفاة الطفل.
وأشار قاضي فرع دمشق إلى المرسوم رقم 3 لعام 2010 الذي ركّز على منع الاتجار بالأشخاص ففي المادة 5 من المرسوم يعدّ بحكم الاتجار بالأشخاص الاستخدام الجنسي للطفل بأي من أشكال الممارسة وعقوبته الحبس بمدة لا تقل عن 7 سنوات وغرامة مالية حتى 3 ملايين، مقترحاً إنشاء مراكز مراقبة على مستوى المدن والأرياف لتفعيل ودعم دور الجمعيات من خلال الجلوس مع أفراد أسرة الطفل وتقديم الثقافة القانونية لهم، أو من خلال نشر بعض مواد القانون المتعلق بحقوق الطفل.
من جانبه أكد المدير الإقليمي لاتحاد نقابات العمال في الشرق الأوسط ومستشار العلاقات الدولية في الاتحاد العام لنقابات العمال في سوية عدنان عزوز أن ظروف الحرب على سورية حوّلت عمل الأطفال إلى ظاهرة شائعة، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب للأسر أو فقدان أحد الوالدين أو كليهما الذي أدّى دفع الأهالي إلى إرسال أولادهم لتحسين ظروف الحياة المعيشية.
مشيراً إلى أهداف الورشة في وضع خطة لمراقبة عمل الأطفال والحدّ من الظاهرة عن طريق تأهيل الأطفال وإدماجهم في التعليم وتحسين ظروف الأسر الاقتصادية، والبحث عن بيئة عمل آمنة، لأن وجود الأطفال في ظروف عمل غير آمنة وغير مراقبة هو إجحاف بحقهم من حيث السنّ الذي ينبغي عليهم فيه أن يكون لديهم الخيال واللعب والإبداع والتعلم.
وأوضح أن مشاركة الاتحاد تأتي من خلال تفعيل مفتشي العمل في مراقبة هذه الظواهر من جهة وعبر مبادرات حول أهمية إنشاء مجمعات في كلّ حي يعمل على استقطاب أطفال الحي الذين ظروف أسرهم قاسية جداً، والتي يتمّ التعرف عليهم من خلال استبيان يسبر الأطفال الأكثر فقراً في المنطقة، ليتمّ بعدها إيجاد أعمال مناسبة لعمرهم بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والهيئات المعنية والجمعيات الأهلية، التي تقوم على تأمن عمل لهؤلاء الأطفال، وتقديم أجور تشجيعية تدعم الجانب الاقتصادي والمعيشي لأسرة الطفل، الأمر الذي يمنع هذه الأسر من إرسال أولادها إلى المجهول في العمل غير الآمن.

هذا وتعقد الورشة التي تستمر لغاية 27/8 بمشاركة ممثلة المنظمة لينا رماح وممثلين عن وزارة التربية والاتحاد العام لنقابات العمال وغرفة صناعة دمشق وريفها والمجتمع الأهلي ، وبإشراف ميسون أبو عمارنة مستشارة منظمة العمل الدولية عبر الانترنت من العاصمة الأردنية عمان.
ويتوجّه الممثلون عن هذه الجهات إلى لطرح مبادراتهم اللائقة في التعليم والتدريب المهني التي تمهّد للوصول إلى رسم خارطة طريق وإنشاء نظام مراقبة على المستوى الوطني في سورية.