لماذا يستعجل الأميركي تصفية حقوق الشعب الفلسطيني؟ ولماذا في هذا التوقيت بالتحديد؟ وهل ذلك ناجم عن حالة قوة أم ضعف؟ وهل متغيرات المشهد السياسي لجهة مسألة التطبيع المجاني تسعف إدارة ترامب بتحقيق أجنداتها؟ هذه الأسئلة تقفز إلى الذهن في ظل الجولة التحريضية التي يقوم بها بومبيو في المنطقة، وتأكيده المتواصل على وضع كل إمكانيات بلده لتكريس الاحتلال الصهيوني، وشرعنة وجوده على أرض فلسطين التاريخية.
بات واضحاً أن إدارة الإرهاب الأميركية تستغل اليوم ما زرعته من فوضى إقليمية ودولية، وافتعال الأزمات، وشن الحروب الكارثية على دول المنطقة، لتحقيق المشروع الصهيوني، المتعثر دوماً عند البوابة السورية، حيث ثمة ارتباط مباشر ووثيق بين الحرب الإرهابية على سورية، ومواصلة استهدافها سياسياً واقتصادياً ونفسياً وحتى صحياً، وبين السعار الأميركي المحموم لتصفية القضية الفلسطينية عبر “صفقة القرن”، ومسألة التطبيع التي يروج لها بومبيو، هي من أجل تسريع وتيرة الإجراءات الأميركية لتمرير “الصفقة”، كمحاولة التفافية على حالة العجز الأميركي والصهيوني عن فرض تلك المؤامرة بالقوة والترهيب نتيجة الصمود السوري، والرفض الفلسطيني المطلق، وحالة الممانعة القوية التي يبديها المحور المقاوم بشكل عام.
ثمة حديث يدور اليوم عن مساع أميركية لعقد “مؤتمر سلام إقليمي” يعقد تحت رعاية أمريكية خلال الأسابيع المقبلة، وبومبيو يدفع بهذا الاتجاه، وبحسب المعلومات الواردة، فإن الدول التي تريد واشنطن جرها لهذا المؤتمر، قد أبدت موافقتها المبدئية والأدهى أن المشاركين بهذا “المؤتمر” لن يكترثوا لعدم حضور الجانب الفلسطيني، علماً أنه الطرف الوحيد المعني بهكذا مؤتمرات وهذا بحد ذاته يشكل مؤامرة أخرى على الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، والذي سبق وغيب أيضاً عن كل مراحل صياغة وحياكة مؤامرة القرن، وحتى عن مسألة إعلانها بشكل رسمي، فمن أعطى أميركا وأدواتها في المنطقة حق الوصاية على هذا الشعب، في تقرير مصيره؟.
إدارة ترامب الغارقة بفضائحها العنصرية والسياسية والأخلاقية، تدرك تماماً أن كل محاولاتها الرامية لتصفية القضية الفلسطينية لن تفلح، ومصيرها هو الفشل، لأن الكلمة الفصل هي للصمود الفلسطيني، وثبات الموقف الممانع لمحور المقاومة، وليس لقوة الغطرسة الأميركية، أو لأنظمة مرتهنة تصب في فلكها، ولكن ماهية الأمر أن تلك الإدارة باتت تتلمس نقاط ضعفها، وهي تحتاج لمثل هذا الاستعراض البهلواني لكسب ود اللوبي الصهيوني لإنقاذ ترامب من شبح خسارته في الانتخابات القادمة، ولشد أزر نتنياهو الغارق أيضاً في أزماته السياسية والانتخابية، والأمر ذاته ينطبق على الأنظمة المستعربة الخائفة من غضب شعوبها وتجد في إرضاء الأميركي والصهيوني سلماً للحفاظ على عروشها وكراسيها، ولكن في النتيجة سرعان ما ستجد الولايات المتحدة وكل من يدور في فلكها كل الأبواب موصدة أمام مشروعها التصفوي، فالشعب الفلسطيني لا زال متمسكاً بقضيته وسورية، وباتت قاب قوسين من إنجاز نصرها الكامل على الإرهاب وداعميه، ونصرها هذا بكل تأكيد، سيكون نصراً مؤزراً للقضية الفلسطينية.
البقعة الساخنة-ناصر منذر