الملحق الثقافي:
هاجم راديشيف كولونيالية إنكلترا وأمريكا والبلدان الرأسمالية، وصرخ ضد تسويغها للعبودية والاتجار بالعبيد. وقال عن نظام الولايات المتحدة إنه نظام «يغرق فيه مائة من المتعجرفين في الكماليات، بينما لا يجد الآلاف طعاماً يقيم أودهم ولا سقفاً يقيهم الحر والبرد».
ولد ألكسندر راديشيف في روسيا عام 1749، ودرس في جامعة موسكو، ثم في جامعة لايبزيغ الألمانية. بعد عودته عمل في مجلس النواب لفترة من الوقت. حكم عليه بالإعدام، وسجن في سجن بتروبافلوفسكايا، بسبب مؤلفاته الثورية (قصيدة الحرية، رحلة من بطرسبورغ إلى موسكو)، ولكن الحكم خفف إلى النفي لعشر سنوات، قضاها في المنفى السيبيري (إيليمسك). هناك كتب رسالة فلسفية بعنوان (في الإنسان: فناؤه وخلوده).
لم يكن راديشيف من طبقة فقيرة، بل من طبقة النبلاء، ورغم هذا، لم يتوان عن التفكير والعمل من أجل رفع الظلم عن المضطهدين في بلاده، والدفاع عن الشعب المسحوق، ولا سيما الفلاحين الأقنان. ولهذا قوبلت أفكاره بكثير من السخط والحقد من قبل ملاك الأراضي، واستطاعوا أن يدفعوه إلى حتفه.
وقع تحت تهديد النفي إلى سيبيريا، فقط لأنه وضع عدة قوانين ضد القنانة في روسيا، فما كان منه إلا أن انتحر عام 1802.
هاجم الحكم المطلق باعتباره الحالة الأشد تناقضاً مع الطبيعة البشرية، وهاجم رجال اللاهوت لوقوفهم مع القيصر ضد الشعب، ويسعون لطمس بصيرته. وكان مؤمناً بأن الشعب لا بد سينتفض ضد القياصرة والإقطاعيين، ويصل إلى مرحلة المساواة في حق الملكية، ويحقق مبادئ العقد الاجتماعي. واستمر إلى آخر حياته وهو يدعو إلى الثورة، باعتبارها السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب من معاناته، داعياً الإقطاعيين إلى الكف عن التضييق على الفلاحين وتحرير الأقنان.
اعتبره الفلاسفة رائداً للفكر الثوري في روسيا، ومفكراً مادياً عميقاً، رفض المثالية، وآمن بمادية الطبيعة، ويقول: «إن وجود الأشياء لا يتوقف على مدى معرفتنا بها، فهي موجودة بذاتها»، وأعلن أن البشرية تتطور وفق القوانين نفسها التي تحكم الطبيعة. ويتساءل: «أليس الإنسان بمادي؟»، مع تمييزه للإنسان عن باقي الموجودات بملكة النطق والمشاعر والمبادئ الأخلاقية والقدرة على الاختراع والعقل، مؤيداً هيلفيتيوس بأن الأيدي هي التي قادت الإنسان إلى العقل.
التاريخ: الثلاثاء1-9-2020
رقم العدد :1011