ثورة اون لاين- عائدة عم علي :
تثبت الولايات المتحدة مجددا بأنها دولة مارقة على القانون الدولي، والدولة الأكثر إجراماً وتهديداً للسلم والاستقرار العالمي، فجرائمها في العالم لا تعد ولا تحصى، فضلا عن أنها الشريك الرئيسي في الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، وهذا ما يجعل من إدارة الإرهاب الأميركية والكيان الصهيوني وجهان لإجرام عنصري واحد، ففي الوقت الذي أثارت فيه العقوبات الأميركية على عدد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية اتخاذ المحكمة قرارا بالسماح بفتح تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان جدلا عالميا واسعا، وحدها حكومة العدو الصهيوني رحبت بتلك الخطوة، لأن قرار المحكمة يطول أيضا الجرائم المرتكبة من قبل حكام العدو الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، حيث إن قرار التحقيق في جرائم الحرب يساهم في فتح تحقيقات مماثلة بجرائم حرب ارتكبها العدو الصهيوني ولا يزال بحق الشعب الفلسطيني، خصوصاً بعد استعداد المُدعي العام للمحكمة فاتو بنسودا لإطلاق تحقيق في جرائم الحرب الصهيونية وفي المقدمة منها الاستيطان.
وغداة فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضد بنسودا، ومدير قسم الاختصاص والتعاون والتكميل بمكتب المدعي العام للمحكمة، فاكيسو موشوشوكو، وفي محاولة مكشوفة لشرعنة الإجرام والإرهاب الأميركي، وصف وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو، المحكمة الجنائية الدولية بأنها “مجموعة من السياسيين والمسؤولين الفاسدين” على حد تعبيره، وهذا بحد ذاته قفز صارخ فوق القوانين والأعراف الدولية، ولاسيما أن الهدف من إنشاء المحكمة الدولية هو لمحاكمة أسوأ الفظائع التي ترتكب في العالم، والقصاص من مرتكبي جرائم الحرب، أمثال الجنود والضباط الأميركيين، وقوات الاحتلال الصهيوني.
وفي سياق ردود الفعل الدولية المستهجنة للقرار الأميركي أعرب الاتحاد الأوروبي اليوم الخميس عن رفضه لفرض الولايات المتحدة عقوبات على كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية، بينهم بنسودا.
وقال المتحدث الرسمي باسم المفوضية للشؤون الخارجية بيتر ستانو، في إحاطة إعلامية اليوم: إن الاتحاد الأوروبي يقف ضد أي محاولات لتحجيم عمل المحكمة الجنائية الدولية، التي هي حجر الأساس في تحقيق العدالة”، مشددا على أن “الاتحاد يرفض هذه العقوبات التي فرضتها واشنطن”.
وأضاف “نحن سنواصل دعمنا للمحكمة ونحن لسنا سعيدين بأن نرى خطوات ضد موظفين بالمحكمة”.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أدانت في وقت سابق العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على المدعي العام وأحد المدعين، مؤكدة أنها ستواصل دعم كوادرها والوفاء بمهمتها بشأن مكافحة الإفلات من العقاب من أخطر الجرائم في القانون الدولي وفقا لولايتها.
وقالت المحكمة في بيان في مقرها في لاهاي إنها “تدين العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة في وقت سابق من يوم الأربعاء على المدعية العامة وعلى عضو في مكتبها”، وأضافت: إن “هذه الأعمال القمعية الموجهة ضد مؤسسة قضائية دولية ومسؤوليها غير مسبوقة وتشكل هجمات خطيرة على المحكمة وعلى نظام روما الأساسي للقضاء الجنائي الدولي وسيادة القانون بشكل عام”.
من جانبه قال رئيس هيئة الدول الأطراف في المحكمة القاضي أو غون كوون: “أرفض بشدة هذه الإجراءات غير المسبوقة وغير المقبولة ضد منظمة دولية تأسست بموجب معاهدات”.
وأضاف إن العقوبات الأميركية “لا تؤدي سوى إلى إضعاف جهودنا المشتركة لمحاربة الإفلات من العقاب لفظائع جماعية”.
لا شك بأن القرار الأميركي يضع المنظمة الدولية أمام اختبار مواجهة الضغوط الأميركية واستمرار تحقيقاتها في جرائم الحرب التي ارتكبت على مستوى العالم، وخصوصاً من قبل الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني، كما ويُحمّل المجتمع الدولي وبلدان العالم مسؤولية الوقوف بجانب المؤسسة الدولية لمواجهة الضغوطات الأميركية، ودعم قراراتها للتحقيق في جرائم الحرب حول العالم