الثورة أون لاين – ريم صالح:
ليس من باب المصادفة كل ما يحدث من حراك وتطورات دراماتيكية على خشبة المسرح الدولي، حيث لا ينفك الغرب عن شن حملاته العدائية ضد روسيا، فكل ما يثيره الساسة الغربيون من تملق أو ادعاءات حول قضية ” تسميم” المعارض الروسي أليكسي نافالني، هو بهدف تدويل هذه القضية المفبركة، واتهامات الغرب بهذا الشأن خير ما يمكن أن يقال عنها، أنها جملة من الافتراءات الواهية التي لا يمكن أن تنطلي على أحد، وهي تحاكي جملة الافتراءات السابقة التي سبق وأطلقتها تلك الدول حول قضية الجاسوس والعميل سيرغي سكريبال، والتي ثبت زيفها لاحقاً.
خيوط قضية المعارض الروسي وكل ما يثار حولها من مزاعم وفرضيات كلها تقودنا أولاً إلى إدارة نظام الإرهاب والفاشية العالمية، ونقصد بها إدارة العنصرية والإبادة الأميركية، ومن ثم دول حلف الناتو التي ما هي في نهاية المطاف إلا أنظمة اعتادت الرضوخ لنظام العربدة الأميركية، وتنفيذ كل تطلعاته العدوانية، وإلا ما مبرر كل هذه الجلبة التي يثيرها الأميركي من جهة، والأوروبي من جهة أخرى حيال روسيا؟!، ولماذا لهجة الوعيد والتهديد في هذا الوقت بالذات؟!، وما الهدف الحقيقي من وراء ذلك كله؟!.
المكانة المرموقة التي تحظى بها موسكو لدى شعوب العالم والمنطقة، ودورها السلمي الفعال في أكثر من قضية دولية، وتدخلها الإيجابي على الدوام لما فيه مصلحة أصحاب الحقوق المسلوبة، أصاب معسكر الشر العالمي في مقتل، فكل خططهم وشراكهم وأوهامهم الاستعمارية والتخريبية تبددها روسيا، وبقدر ما كانت روسيا تعزز سيادتها وتزداد قوة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، بقدر ما كان الغرب يزيد من عدائه ضدها بهدف إعادتها إلى الوراء، وكما هي عادتهم التي شبوا وشابوا عليها، لا يجدون إلا تلفيق الاتهامات ضدها، بهدف محاولة محاصرتها سياسياً أولاً، والدفع نحو فرض عقوبات جائرة عليها ثانياً.
اللافت هنا أن أنظمة التبعية الأوروبية استبقت كل الأحداث، وأصدرت حكمها القطعي، حتى دون وجود أدلة، وباتت تعلي صوتها العدواني بأنها قاب قوسين أو أدنى من فرض عقوبات على موسكو، وهي في ذلك أي في عقوباتها تلبي رغبة الأميركي الذي وضع نصب عينيه إيقاف مشروع “نورد ستريم 2” الضخم لخط أنابيب الغاز بين روسيا وأوروبا.
ولكن المنطق يقول إن على الأوروبيين الذين نصبوا أنفسهم حاكماً وجلاداً على الأرض، أن يقدموا أدلة إثبات وبراهين وحجج دامغة تؤكد تورط الجانب الروسي في تسميم المعارض نافالني، لا أن يطلبوا من السلطات الروسية أدلة تثبت براءتها من هذه التهمة المزعومة، لا بل إن الأكثر غرابة هنا هو أنه عندما تم نقل المعارض الروسي إلى مستشفى محلي في أومسك نفى رئيس المستشفى العثور على آثار مواد سامة في جسم نافالني، ولكن عندما سمح الأطباء الروس بنقل نافالني إلى ألمانيا لمواصلة العلاج هناك، وبعد يومين تماماً زعم الأطباء في مستشفى “شاريتيه” ببرلين العثور على أدلة تثبت أنه تعرض للتسمم بمادة كيميائية من نوع “نوفيتشوك”.
فكيف التقارير والوثائق في أومسك تثبت عدم وجود مواد سامة في جسمه، ثم تأتي التقارير الألمانية لتقول العكس، وإذا كان هذا صحيحاً فهل كان الأطباء الروس سمحوا له بمتابعة علاجه في ألمانيا لو أنه تعرض فعلاً لمحاولة للتسميم بغاز الأعصاب الذي يزعمون؟!.
يحاول الأميركي وذيله الأوروبي وتحديداً الألماني والبريطاني النيل من الدولة الروسية باعتبارها تقف سداً منيعاً في وجه مؤامراتهم الاحتلالية، فيثرون القلاقل عبر قضية المعارض الروسي، ويستعرضون عضلاتهم المنفوخة بحقن التجميل السياسي، كما أنهم بدؤوا يلمحون إلى العقوبات.
برلين، التي ترأس حالياً الاتحاد الأوروبي، زادت من الضغط على موسكو الأحد عبر التهديد بفرض عقوبات إذا لم تقدّم الأخيرة “في الأيام المقبلة” توضيحات بشأن قضية تسميم المعارض نافالني، كما سبق وتحدث وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن احتمال فرض عقوبات على موسكو، أما وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، فقال يوم الأحد، إن على روسيا أن توضح كيف أصيب المدون والناشط الروسي، أليكسي نافالني، بما تقول ألمانيا إنه غاز الأعصاب نوفيتشوك.
الموقف الروسي كان واضحاً وحاسماً وتُرجم على الأرض عبر طلب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من برلين تقديم إثباتات حول ما تدعيه، وأيضاً بدعوة وزارة الخارجية الروسية على لسان المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا برلين إلى الاستجابة بسرعة لطلب السلطات الروسية بشأن الحالة الصحية للمعارض الروسي، وبتأكيدها الصريح أن برلين تعطل مسار التحقيق، وكذلك بتأكيد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بأن بلاده بالطبع تقوم بكل شيء لمنع وجود أي تهديد لشعبه، أياً كان مصدره وطبيعته محذراً في الوقت نفسه من مساعي حلف شمال الأطلسي الناتو للعودة إلى مواجهة الحرب الباردة من خلال مواصلة تعزيز البنية التحتية العسكرية ونشر نظام دفاع صاروخي في أوروبا الشرقية. ا
لمؤكد لنا جميعاً أن الحقد الغربي على التقدم والنجاح الروسي يضرب أطنابه، ويرتفع إلى مستويات قياسية لدى الأميركي ودول الناتو، فكان لا بد من كل هذا الصخب المفتعل، لمحاولة الضغط على روسيا لأغراض سياسية بحتة.