يتصدر موضوع التقنين الكهربائي اهتمام الناس دون أن يجدوا جوابا شافيا عما إذا كان هناك حلا لهذه المشكلة، ويقتصر الرد الرسمي على ربط ذلك بتوفر الغاز والفيول، الأمر فعلا يتعلق بالوقود، ولكنه أيضا يتعلق بجاهزية مجموعات التوليد، وحجم الفاقد، ومردود مجموعات التوليد.
بعيدا عن توفر الغاز والفيول وجاهزية ومردود محطات التوليد يُمكن أن نسأل: أين الطاقات المتجددة وما هو حجم مساهمتها في تلبية الطلب على الطاقة ؟
سورية بلد الشمس ولكن لم نستفد منها ، والرياح كذلك ، ولم يتجاوز إنتاجنا من الطاقات المتجددة خمسين ميغا وات فيما بلغ إنتاج الأردن المجاور ما يزيد على 1400 ميغا من الطاقات المتجددة ، ولو أننا أنجزنا كل عام 100 ميغا منذ بدأنا الحديث عن الطاقات المتجددة لكان لدينا نصف ما ننتجه بالكامل من الطاقات المتجددة .
الأمر لا يتعلق بالتمويل ولا بتكلفة الطاقات المتجددة التي تزيد عن تكلفة التوليد من النفط والغاز لأن إنتاج شهر من الطاقات المتجددة يعوض أي زيادة في تكلفة الإنشاء وهي قيمة الوقود الذي وفرنا استخدامه ، والأمر أبعد من ذلك ، ففي الطاقات المتجددة وتحديدا الشمسية يُمكن أن نبدأ بمزرعة صغيرة ونزيدها بشكل مستمر كلما توفر تمويل على عكس المحطات التقليدية التي تحتاج الى مبالغ إنشائية كبيرة، ويمكن الذهاب أبعد من ذلك من خلال إنشاء مزارع توليد شمسية عن طريق شركات مساهمة بمواقع قريبة من بعض التجمعات ، كأن نقيم مزرعة شمسية بالقرب من كل مدينة صناعية، وما أكثر الأراضي الصالحة لذلك في البادية السورية خلف المدن الصناعية في عدرا وحسياء ودير الزور والشيخ نجار بحلب، بحيث يساهم المستثمرون في المناطق الصناعية بتمويل إنشاء محطات الطاقة الشمسية، وتحسم مساهماتهم من قيمة فواتير الكهرباء ، وهذا يُمكن أن يؤمن الكهرباء لكثير من الورش والمكاتب والاستثمارات المتوسطة والصغيرة .
الأمر الأكثر أهمية من الطاقات الشمسية هو استثمار السجيل الزيتي (الزيت الصخري) والذي تمتلك سورية منه احتياطات كبيرة تكفي لأكثر من مئة عام وهو موجود في منطقة خناصر بحلب بكمية تزيد على 42 مليار طن ، وفي منطقة غير مأهولة وأرض ليست زراعية، عدا عن كون المنطقة منطقة عبور شبكات ربط كهربائية .
الأردن يولد من السجيل الزيتي 480 ميغا وات ونحن مازلنا نناقش الجدوى من استثماره، وهو بالمطلق قابل للاستثمار بجدوى لأن نسبة الزيت جيدة، وفي حال الاستثمار نوفر كميات كبيرة من الغاز والفيول يُمكن أن نستخدمها في قطاعات أخرى ذات قيمة مضافة كالنقل والتدفئة والصناعة ولا سيما صناعة الأسمدة والحبيبات البلاستيكية، عدا عن أهمية بقايا حرق الرماد في صناعة الأسمدة وتخصيب التربة وصناعة البتروكيماويات.
الموضوع ليس اتهاماً لأحد ولا تقليلاً للجهود ، الموضوع اقتصادي واستراتيجي مهم لمواجهة تحدي تأمين الكهرباء والخروج من العقوبات والضغوطات الخارجية .
على الملأ -بقلم مدير التحرير-معد عيسى