في 15 أيلول 1923 رحل أستاذ الأساتذة سيد درويش، عن 31 ربيعاً، وقد استطاع رغم عمره القصير أن يضع الشكل النهائي للأغنية العربية، وإذا نظرنا إلى أعمال معاصريه الذين جاؤوا من بعده نستطيع القول بأنه جاء قبل زمنه بأكثر من مئة سنة على الأقل، لأن ألحانه وأغانيه لا تزال تردد إلى اليوم وبقوة مضاعفة، ومن الصعب أن تموت، فالظاهرة الفنية الأكثر ثورية وانقلابية وتغييرية مثّلها سيد درويش، الذي نقل الغناء من التطريب إلى التصوير الدرامي، بعد أن لحن وغنى لأصحاب المهن والعمال والمزارعين، وقد أشيع عن محمد عبد الوهاب أنه تابع أسلوب سيد درويش، مع أن الحقيقة تقول عكس ذلك، لأن عبد الوهاب اكتفى بالشكل المبتكر الذي خلقه سيد درويش وأخرجه بمضمون آخر، يساير متطلبات الغناء في القصور والصالونات، ولهذا لقب بمطرب الملوك والأمراء، وهذا يعني أن هناك نقاط التقاء وافتراق بينه وبين سيد درويش، وفي هذا الصدد قال عبد الوهاب: أنا ألبست الأغنية “السموكن”.
ولقد شهد العاشر من أيلول 1981 رحيل موسيقار الأصالة النغمية رياض السنباطي، وثمة جدل دائر حول الريادة في تلحين القصائد، فالبعض يضعه في رأس القائمة، ويلقبونه بموسيقار القصيدة العربية، مع أن عبد الوهاب وفريد الأطرش وغيرهما برعا أيضا في تلحين القصائد.
وبالرغم من أن عبقري النغم بليغ حمدي (الذي رحل في 12 أيلول 1993) أعطى أجمل وأروع الألحان لكبار المطربين والمطربات من أمثال أم كلثوم وفايزة أحمد ووديع الصافي وعبد الحليم حافظ ونجاة وصباح وميادة الحناوي وشادية ومحمد رشدي ومحمد قنديل ومحرم فؤاد ومحمد العزبي وفهد بلان وشريفة فاضل وفايدة كامل وعفاف راضي وشهرزاد وهاني شاكر وغيرهم كثير، فإن علاقته بالمطربة الكبيرة وردة كانت مميزة، كونه هو الذي صنع مجدها الغنائي، وأعطاها العدد الأكبر من ألحانه الخالدة.
وفايزة أحمد التي رحلت في 21 أيلول 1983، هي برأي كمال النجمي تشكل ثالث ثالوث أم كلثوم وأسمهان، وكانت دائماً الأولى في كل الاستفتاءات الإذاعية، وهذا يعني أنها فنانة جماهيرية من الدرجة الأولى، وأروع ما في صوتها تصرفاتها في أداء الألحان، الشيء الذي يدل على موهبة صوتية وأدائية واستعداد فطري للغناء يندر مثيله.
رؤية- أديب مخزوم