الثورة أون لاين – غصون سليمان:
كثيرة هي الأقوال والأحاديث عند العامة حول مفهوم تطبيق العدالة ولو بحدودها الدنيا داخل المنزل سواء من ناحية التعامل والمساواة مع الأبناء أوتلبية الاحتياجات المختلفة حسب أعمارهم..
وهنا يأتي تركيز بعض الدراسات الاجتماعية والبحث والعلم التي يقوم بها المختصون والمهتمون ليوضحوا ان العدل داخل الأسرة وبين الأبناء بالذات هو نموذج مصغر وحي للعدل داخل المجتمع ، فلا نتوقع من أن مجتمعا تسود فيه روح العدالة والعدل يكون فيه مقياس العدل داخل الأسرة مضطربا كما يشير كلا من الدكتور محمد فهد قيسي ،والباحث عبد الرحيم جليل الكناني ولا نبالغ هنا القول من أن الفرد المسؤول عن اسرة وهو غير عادل معها فإنه اذا لم يستطع تحقيق العدل داخل منزله فعلينا ألا نتوقع منه ان يكون عادلا عند توليه أي مركز أو منصب مؤثر داخل مجتمعه ابتداء من أقل المناصب والمراكز أهمية وتأثيرا إلى أعلاها .
ويؤكد الباحثان في كتابهما رفاهية المجتمع أن العدل داخل الأسرة يقوم على ثلاث ركائز اساسية أولها : العدل في توزيع حاجات ومستلزمات العيش بين أفراد الأسرة ، وهذا له علاقة بوضع رب العائلة الاقتصادي ودخله المالي ونوع احتياجات كل فرد داخل البيت .
ثانيا:العدل في إظهار مشاعر الرعاية الأبوية والعواطف بين الأبناء .
ثالثا : العدل في سياسة التأديب بين أفراد الأسرة والأبناء فلا يشعر أحد الأبناء بقسوة أبيه وجوره عليه أكثر من بقية اخوته عند زجره أو تأديبه لخطأ ارتكابه .
ويوضح الكتاب أنه بالنسبة للنقطة الأولى فلا يبالغ الأب في الاستجابة السريعة لأحد الأفراد مهما كانت طلباته في حين يتلكأ في تلبية احتياجات الآخرين ، فإن هذا يشعرهم بالتفرقة ويولد بينهم الشعور بالغيرة الذي يؤدي إلى الحسد والحقد والتنافر ، وفي الوقت نفسه يجب على الأب ان يربي ويوجه أبناءه على أن لا يتجاوز الحدود التي تتناسب مع الوضع الاقتصادي للأسرة ولاتدخل في باب الإسراف والتبذير .
اما بالنسبة للعدل في مشاعر الحنان والعطف والرعاية فيجب على الأب أن يعامل الأبناء بالطريقة التي تجعلهم يشعرون بأنه لا يميل بعواطفه إلى أحدهم ميلا مبالغا فيه أكثر من أي واحد منهم حتى وإن كان في داخله شيء من ذلك فيجب ألا يظهر ذلك أي أثر في سلوكه العملي تجاههم .
وبالنسبة للنقطة الثالثة فلا يصح ان يتغاضى الأب أو المربي باستمرار وبصورة . عن اخطاء احد الابناء نتيجة لميله إليه بينما هو في الوقت نفسه ينزل العقاب القاسي بالآخرين لأول هفوة او خطأ . لافتين بأن للعدالة داخل الاسرة وجهين : الاول ،هو التعامل أو المعاملة العادلة لكافة أفراد الأسرة ومن بينها الزوجات المتعددة إن وجدت كما اشير اليها سابقا في غير مكان من فصول الكتاب .
والوجه الاخر : هو تربية الأسرة أو الأبناء على العدالة أي توجيههم لأن يكونوا عادلين ومثقفين في تعاملهم مع بقية أفراد المجتمع ويكونون عادلين أيضا ومنصفين في أحكامهم على الناس ، ولايلقون بالأحكام جزافاً ويكونون عادلين ومنصفين حين تختفي منها التجاوز او البغي على ما ليس لهم بحق ويكونون عادلين ومنصفين في كل احوالهم وأفعالهم وأحكامهم في ما بينهم وتجاه الناس ، فإن المربي إن فعل ذلك كله فقد رباهم على روح العدالة وأصبح في داخلهم ميزان مضبوط ودقيق للعدل والعدالة في حياتهم