الثورة أون لاين – لميس علي:
في مقال علمي يتحدث عن ماهية الإنسان وإن كان يُفترض أن نتساءل “ما نحن” بدلاً مِن “مَن نحن” ترد بعض الحقائق العلمية، كأن يُذكر أن عدد الخلايا في جسم الإنسان البالغ يصل إلى مئة تريليون خلية تقريباً.
وحقيقة أخرى تفيد بأن خلايا الجسم تتجدد بمعدل كل سبع سنوات تقريباً. حيث (يكون قد تم استبدال جميع خلايا الجسم مرة واحدة على الأقل).
ولنقس على عدد السنوات التي يحياها أيٌّ منا.
كل ذلك يدلُّ على أننا نتبدّل أو نتجدد خارجياً، بالمظهر الجسدي.
هل يترافق هذا التبدّل على صعيد الخلايا بما يقابله على صعيد الفكر/الأفكار التي يتبناها المرء..؟
إذا ما كانت طبيعة الجسد محكومة بقانون التجدّد، ما الذي يمنع أفكاره من مواكبته وملاحقة حالة الخلق المتواصلة لديه..؟
لطالما كانت الخلايا الجسدية المرئية مقترنة حياتها بقانون التجدّد، ويمكن للأشياء غير المرئية الناجمة عنها -عن خلايا الجسد- أن لا تتوافق وعملية التجدّد المفروغ منها، وجب حينها إخضاعها لعمليات “تجديد” على وزن تفعيل الصيغة التي تفيد معنى زياده فاعلية الشيء.. إلزامه بما يُفترض فعله. وهو هنا “التجديد”.
كيف يمكن تنشيط وتجديد أفكارنا فعلياً وليس نظرياً فقط..؟
لا يقف الأمر عند متابعة آخر أخبار العلم أو الأحداث الحاصلة.. لأنها ضمن هذا السياق تكون معلومات لا أكثر.. وبذلك نحن نجدد معلوماتنا وليس ما نحمله من أفكار.
ربما كان لعادة القراءة فائدة بتمرين أفكارنا على ديناميكية التطور.. انتشالها من الخمول.. تفعيل حركتها وزيادة فاعليتها إلى أقصى ما يمكن.
بطريقة عفوية تُحكم حياتنا بقانون “التجديد/ التجدد”.. ومع ذلك يبدو تجديد الأفكار ليس بالشيء السهل، لكن كم له أن يخلق رؤى حياتية جديدة وحيوية.
في المقال نفسه ذُكر “أن خلية عصبية واحدة لإنسان بالغ تحتوي تقريباً على ألف تغيّر في الكود الجيني الخاص بها” بالإضافة إلى أن كل خلية لديها تغيرات تختلف عن تغيرات الخلايا العصبية المجاورة لها..
وبالتالي.. نحن، جسدياً، نمتلئ بالتغيّر والتجدّد دون أن نعي ذلك.. أو حتى دون أن يستوقفنا الأمر لنتأمّله.. وكأن طبيعتنا خُلقت تتجدد كما الطبيعة تماماً.. في حالة حركة دائرية.. لا تستقر على حال.. ألم يقل باشلار: “الحياة، ربما دائرية”.. بمعنى الحركة الدائمة..
ألا يمنحنا كل ما تقدّم عبرة في ضروري جعل أفكارنا خاضعة لبعض حيوية التجدّد التي تحكم أجسادنا..؟
جميل أن نمتلك القدرة على رؤية الحياة وعيشها من زوايا أفكار مختلفة.. وعلى رأي إميل سيوران: “لا يمتلك قناعات إلا ذلك الذي لم يعمّق أي شيء”