الثورة اون لاين – محرز العلي:
المتابع لما حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأمس وقبل ذلك في مجلس الأمن الدولي يدرك حجم الاخفاق الذي ألحقته الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالولايات المتحدة الاميركية وسياستها المتوحشة حول العالم، بسبب عدالة قضيتها وسلامة موقفها في الملف النووي وبقية الملفات الأخرى، وقد تجلى الإخفاق الأميركي برفض مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي الموافقة على الاقتراح الأمريكي بتمديد حظر الأسلحة عن ايران، وقد ظهر الموقف الأميركي على هشاشته وضعفه وبعده عن الحق والحقيقة في كلمة ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فقد تجلت العزلة الأميركية من خلال معارضة روسيا والصين للاقتراح الاميركي وامتناع احدى عشرة دولة عن التصويت ومن هذه الدول أقرب حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تصوت لصالح الاقتراح سوى جمهورية الدومنيكان احدى جمهوريات الموز التابعة للسياسة الأميركية، وبالتأكيد تم ذلك تحت الضغط والابتزاز الأميركي وهذا يعد سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، بالنظر لقيامها بالتحضير منذ شهور لمشروع قرار في مجلس الأمن ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث لم تحظ بتأييد سوى دولة صغيرة لا وزن سياسي لها، الأمر الذي يؤكد على هزيمة مذلة للولايات المتحدة الأميركية وانتصار الحق الإيراني على لغة التوحش والبلطجة التي تنتهجها ادارة ترامب والتي تحاول من خلالها وعبر استغلال المنظمات الدولية، فرض سياستها وتحقيق مصالحها الاستعمارية ومصالح ربيبتها “اسرائيل” على حساب مصالح وأمن شعوب المنطقة.
العزلة الدولية التي واجهتها ادارة ترامب في مجلس الأمن تدل على أن العالم لم يعد يطيق تحمل سياسة واشنطن العدائية، وبات يفكر جدياً بالتصدي لها كي يضمن مصالحه الحيوية والاستراتيجية، فالولايات المتحدة لا يهمها سوى تحقيق مصالحها والهيمنة والسيطرة على العالم عبر بلطجتها السياسية وخرقها للقرارات الدولية ومنها القرار 2231 الذي يعتبر المرجعية القانونية لاتفاق فيينا النووي والذي يلغي كل العقوبات الأممية على الجمهورية الاسلامية الإيرانية، لاسيما وأن ادارة ترامب انسحبت من الاتفاق بشكل احادي ولا يحق لها إعادة فرض العقوبات تحت عنوان “سناب باك”، لأنها تخلت عن التزاماتها وتعهداتها الدولية بموجب اتفاق فيينا.
الموقف الضعيف للولايات المتحدة في المحافل الدولية التي تحاول ادارة ترامب السيطرة عليها واستغلالها ضد الشعوب المستهدفة ظهر من خلال كلمة ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي استغرقت 36 دقيقة ولاسيما فيما يتعلق بالجانب الإيراني حيث كرر اتهاماته المعتادة وإصراره على تجاهل القرار 2231 وفرض العقوبات الجائرة على إيران، الأمر الذي يدل ان كلمته لا جديد فيها سوى استمرار التسويف والتضليل وتقديم الادعاءات الكاذبة التي باتت مفضوحة للعالم أجمع، ولكن إعادة تسويق هذه الأكاذيب في إطار سياسة التوحش التي ينتهجها ترامب لم تحقق له أجندته الاستعمارية رغم الحرب الاقتصادية العدوانية الذي يشنها على ايران منذ عام 2018 وحتى الآن، والتي يهدف من خلالها على إبقاء التوتر في المنطقة بما ينسجم مع مخططاته العدوانية على الصعيد الخارجي بما يخدمه داخلياً ولاسيما ان الانتخابات الرئاسية باتت على الأبواب وهو بأمس الحاجة لإرضاء اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة صاحب التأثير الكبير في الانتخابات، ولا سيما أن الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران جاء خدمة للكيان الصهيوني الذي عارض الاتفاق منذ البداية ولم يتوقف عن حملاته التحريضية على إيران.
لقد وجهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية صفعة لترامب وأثبتت بمواقفها الواثقة اعتمادها على مقدراتها الذاتية وإرادة شعبها أنها لا تخضع للابتزاز أو الرضوخ للشروط الأميركية، بل إن تمسكها بحقوقها المشروعة وعدم التنازل عن حقوق شعبها بالاستخدام السلمي للطاقة النووية وبناء قوة ردع كبيرة كان من أهم العوامل التي أسقطت المشروع الأميركي وأكدت انتصار الحق الإيراني على سياسة التوحش الأميركية في مجلس الأمن وفي الميدان، حيث تؤكد تصريحات المسؤولين الإيرانيين أنهم سيردون بقوة على كل من تسول له نفسه العدوان على الأراضي الإيرانية أو المساس بأمنها واستقرار شعبها، مشيرة إلى أنها تراقب عن كثب التحركات المعادية والاستفزازية للقوات الأميركية في مضيق هرمز وهذا يدل على جهوزية القوات الايرانية وقدرة الردع والثبات على المواقف في إفشال المشاريع الاستعمارية في المنطقة.