أثيرت في الأسبوع الماضي، على صفحات التواصل، ردود فعل متناقضة حول (نصب رأس الحصان) الذي وضع في ساحة المالكي، وبدا بالمقارنة والمقاربة أنه مجرد نسخة بنفس المواصفات لمنحوتة نصبية أنجزها فنان بريطاني، وهذه القضية تذكرنا بالضجة الإعلامية الواسعة، التي أثيرت حول لوحة قديمة موقعة باسم توفيق طارق، تحت عنوان أبو عبد الله الصغير، والتي هي في الأساس منسوخة عن لوحة استشراقية لبول بوشار، ومع ذلك فاللوحة المنسوخة لاتزال تنشر في الكتب والمجلات والصحف ومواقع الإنترنت، على أنها من إبداع توفيق طارق، وكأن شيئاً لم يكن.
ولقد أثيرت القضية في محاضرات وندوات وصحف عديدة، وحين كانت السيدة هيام دركل أمينة قاعة الفن الحديث بالمتحف الوطني، قلت لها: بأن اللوحة المشار إليها، وقعها توفيق طارق باسمه من غير حق، وزودتها بصورة عن اللوحة الأصلية للمقارنة والمقاربة، فقالت لي بأنها ستضع مكانها لوحة أخرى، والواقع في مثل هذه الحالات، يجب معرفة تاريخ إنجاز كل عمل، ومتى دخل المتحف، أو متى وضع في الساحة، فبدون وجود تاريخ لإنجاز كل عمل على حدة، قد يأتي من يقول بأن لوحة توفيق طارق استنسخت ودخلت المتحف بعد رحيله، أي إنها مزورة، وأيضا قد يأتي من يقول بأن الفنان البريطاني، هو الذي أخذها عن الفنان السوري.
ومن خلال تجربتي مع النقد، تأكدت بأن مجتمعنا في أكثريته، لا يتقبل النقد، حتى ولو كان موضوعياً (فالبعض في مثل هذه الحالات يدافعون عن السارق وليس المسروق، وهذا ما حدث في سياق الحديث عن منحوتة الحصان، حيث وجدنا من يدافع عنه ويمجد عمله المنسوخ).. وكانت إحدى الفنانات قد قالت لي مرة، عن أحد النقاد بأنه غير محبوب، وأضافت ربما لأنه صريح، وهذا يعني من وجهة نظرها، ونظرة أمثالها، أن الناقد حتى يكون محبوباً يجب أن يكون تصالحياً ومنافقاً، ويجب أن يسكت عن الخطأ، ولا يهمش أي تجربة، حتى ولو كانت ضعيفة وركيكة ومنسوخة، كما يجب أن لا يأخذ موقفاً سلبياً، من أي كاتب، حتى ولو كانت كتاباته حافلة بالأخطاء التوثيقية والمغالطات النقدية.
ملاحظة:
المنحوتة في ساحة المالكي أوضحت المحافظة أنها نسخة طبق الأصل عن منحوتة غربية، وهي كلفت الفنان بذلك، ولم يدّع الفنان أنه أبدعها، ولها قصة عن الصمود والتضحية، تم إعلانه على كل المواقع.
أما لوحة توفيق طارق، فقد وقعها باسمه، أي هو مسؤول عنها، وفي الفن ثمة استنساخ تجاري لآلاف اللوحات تم استنساخها عن الجوكندا، هذا اتهام ليس مطلوباً الآن.
وأنت كتبت ذات مرة توجد فوارق بينهما، مجرد الفوارق لا يعني التطابق.
رؤية – أديب مخزوم