الشرق الأوسط على طاولة بازار الثلاثاء الكبير في واشنطن …ليس وحيداً لكنه الأكثر تعقيداً في اللعب بأوراقه بين المتنافسين على كرسي المكتب البيضاوي في واشنطن .
قد يقفز دونالد ترامب وجو بايدن فوق الأزمات الداخلية لواشنطن في برامجهما الانتخابية ولكنهما سيقعان حتماً في رمال الأزمات المتحركة لمنطقة الشرق الأوسط.
المباريات الانتخابية بين ترامب وبايدن حول ملفات المنطقة دعاية انتخابية من عيار سباق الكذب وما عدا ذلك فهو رهن استراتيجية الدولة العميقة في واشنطن ..
ثمة من يقول أن الولع الأميركي في الشرق الأوسط فقد وقوده مع اكتفاء الولايات المتحدة الأميركية من الطاقة وأن عليها الانسحاب ونقل شرها حيث مصالحها الجديدة في العالم ..
موقع فورين بولسي دعا ترامب وبايدن لترك مشاكل المنطقة لأهلها ..الأكثر لفتاً أن موقع بوليتكو قال العبارة ذاتها ..الشرق الأوسط لم يعد مهماً لأميركا ..لكن الاستدارة هي اللحظة المدمرة !! لحظة استدارة الفيل الجمهوري أو الحمار الديمقراطي هي الكارثية ..واشنطن تدخل بالكوارث ولاتخرج إلا بها ..
يستدير ترامب بوجه التطبيع يهيىء كل شيء لإسرائيل قبل الخروج التدريجي والتسوية مع الأقطاب العالمية الكبرى كروسيا التي تفرض نفسها بجدارة في المنطقة ..العقبة في طريقه أي ترامب وطريقهم جميعاً أي كل قاطني البيت الأبيض السابقين واللاحقين هو محور المقاومة وتحديداً سورية ..الحيرة الكبرى هي في البقاء والاحتلال في الجزيرة السورية دون جدوى أو الرحيل بلا ورقة تهديها واشنطن لتل أبيب ..
يحاصر ترامب نفسه أكثر في منطقة الجزيرة يستقدم التعزيزات في وجه المقاومة الشعبية وطرد الأهالي لجنوده ..يحاول التماسك في وجه هذه المعادلة على الأرض للذهاب إلى التفاوض بأوراق سياسية لكن الحظ والظروف لن تحالفه كما خذلت سلفه وستخذل خلفه ..فخلال سنوات الحرب على سورية كان الهدف الأول إضعافها لكنها بقيت قوية ..فبأي العقد ينفث ترامب و جو بايدن الذي قفز هو الآخر إلى الملف السوري في برنامجه الانتخابي فوقع في التناقض يوم ينوي الرحيل والبقاء والتجميد في تصريحاته العجيبة حول سورية …
العجائب أيضا سنلمسها لاحقاً في المنطقة كلها والتغييرات قادمة ليس لأن الأطراف الدولية والإقليمية وجدت الحلول بل لأنها عجزت عنها بعد ما أزمت واشنطن أوضاع الشرق الأوسط ..لبنان الآن في عين العاصفة..ولأن الطبيعة السياسية تفرض نفسها لذلك قد نشهد التسويات الكبرى ولذلك يلهث أردوغان ليسوي أوضاعه هو الآخر ..فالسلطان في خانة( اليك )السياسي لالتزامات استنة مع موسكو ولإعادة تشكيل جبهة النصرة الإرهابية ونقل خانتها في إدلب من الإرهاب إلى الاعتدال ريثما يوافق الاتحاد الأوروبي وخاصة ماكرون على تزويد السلطان بمنظومات دفاعية في سورية لمواجهة الحصار الروسي السوري له ..ماكرون ربت على كتف أردوغان ..(أوضح لنا أهدافك أولا ).
ليس الغموض هو من يلف أهداف الرئيس التركي بل تكبير الحجر العثماني لدرجة أن أردوغان لم يعد يستطيع حمله لا في سورية ولا في ليبيا وربما أراد ماكرون تذكيره بدفع الجزية والاعتذار لأوروبا التي هددها كثيراً بورقة اللاجئين …
كل الملفات بالمنطقة عالقة يحاول ترامب تحريكها لصالح عقارب ساعة انتخابه..وما بعد ذلك مرحلة أخرى ربما تكون محاولة الاستقرار فوق الفوضى ..لذلك تحدثت سورية بالأمس أمام الدورة 75 للجمعية الأممية ..قالت ننشد أمماً متحدة جديدة قادرة على إعادة ضبط القانون الدولي للجميع ..أمماً متحدة تتقدم فيها الإنسانية على الأجندات السياسية الخبيثة للغرب …يبدو أننا بحاجة لتحريرالأمم المتحدة من سطوة أميركا أولاً التي أكثر ماتسيء إلى المنظمات الإنسانية ..فحروب واشنطن منذ 11أيلول حتى الآن وبحسب معهد واتسون كلفت البشرية 37 مليون نازح ناهيك عن القتلى والعاجزين ..فكيف ستحمل الأمم المتحدة صليب المعذبين وواشنطن تدق مساميرها بأيدي الشعوب وفي رؤوس المنظمات الأممية..!؟
من نبض الحدث ..عزة شتيوي