حين ننظر إلى تحولات وجه الكاتب التشيكي ميلان كونديرا، نرى اختلاف نظرته ما بين الحادة، وتلك الثاقبة، الذكية..الهادئة والعميقة، هل هو تحول لمصلحة اختمار تجربته الحياتية، أو الأدبية…أو الاثنين معاً…؟
أو ربما، لأن الجائزة التي نالها قبل أيام أعطته لمعة ما…؟!
كونديرا الفائز بجائزة “فرانز كافكا للآداب”، عاد عبر هذه الجائزة إلى مسقط رأسه المنفي عنه، منذ أربعين عاماً، بعد أن استعاد الجنسية التشيكية العام الماضي..
في منفاه كتب أهم الروايات، كنا نرى فيها غالباً تحولات أعقد بكثير من تحولات وجهه وحياته، فمع غنى هذه الترجمات التي وصلت إلينا عبر طبعات مختلفة، عشنا حكايا تؤرخ لتحول فكري وروائي ..
رواية “الجهل” تروي تاريخاً من المنفى والغياب والحنين في كل صفحة كان وجهه الحزين بلا أي تحولات يطالعنا..بعد أن عاش قسوة تجربة المنفى، وحافظ على نوستالجيا صاغها بتجدد في أعماله…
اللحظات المنسية، البسيطة، الساخرة، والتافهة….كتبها كونديرا بتفرد، ووصلت إلينا عبر ترجمات كثيرة لكتبه العديدة، وطالما أننا نقترب من اليوم العالمي للترجمة الذي يصادف في نهاية الشهر الحالي 30 أيلول، فإننا نتذكر كيف أن تلك الترجمات التي وقعت بين أيدينا مصادفة لكونديرا ولغيره من الكتاب، أومأت لنا، بسرعة ودخلناها بعفوية، لتقودنا إلى دروب عشقها غيرنا، ولكننا بجهد ورؤية ذاتية أعدنا اكتشافها مجدداً…
وأنت تقطعها لا تفكر بل تستمتع أيضا…مع تعدد المواهب والأدمغة التي خاضت تلك الدروب، بدءاً من الفكرة وصولاً إلى صياغتها إبداعا لا ينسى..وعبوراً نحو ترجمات يقع بعضها صدفة بين أيدينا..ومع تتبعها تصر على نوعية معينة لمترجمين لا يقلون شأناً عن أصحاب الرؤية الأساسية لتك الإبداعات..!
الترجمة مع الخامة الإبداعية، تقودنا عصارتها إلى تغيرات قد لا تحتملها دروبنا الحالية، الغارقة في فوضاها، في مآسيها…في أمل يحتجب اليوم خلف كل الأكمات التي لا يمكن اختراقها إلا بإبداع حتى الآن يبدو لدينا عصياً على النهوض…إن لم تلتقطنا كل تلك الوجوه التي تشبه وجه كونديرا …وحفلات ترجمة جماعية هي خلاصة الأذهان الفذة… وبالتأكيد تقنع الغالبية كي تسير على دروبها…!
رؤية- سعاد زاهر