تعيدنا المواجهة الدائرة في منطقة وادي خالد في الشمال اللبناني ما بين الجيش اللبناني من جهة وبين المجموعات الإرهابية العائدة إلى المنطقة، تعيدنا إلى بدايات العدوان الإرهابي على سورية ومعركته المفتوحة على المنطقة العربية مع التركيز على سورية باعتبارها تمثل حائط الصد الباقي أمام المخطط الاستعماري الصهيوني ضد المنطقة العربية كلها.
إن عودة العصابات الداعشية إلى شمال لبنان في هذا التوقيت يتزامن مع زيادة الضغط على سورية بوسائل وأساليب متعددة تضاف إلى الأعمال الإرهابية والاعتداءات التركية والأميركية، وهي تتمثل بتصعيد غير مسبوق للحصار الهادف إلى محاولة إسقاط الدولة الوطنية من خلال عمليات التجويع والخنق وقطع المياه وسرقة الموارد الطبيعية والنفطية والغازية.
وهذه الأساليب بطبيعتها ليست جديدة، فهي معروفة وسبق استخدامها منذ ما قبل العدوان الإرهابي المباشر على سورية والمنطقة، وهي أساليب سقطت وأثبتت فشلها، لكن المعتدين يعيدون اجترارها واللجوء إليها بهدف توسيع دائرة الاستهداف ومحاصرة الصمود السوري في الحدود السياسية للدولة الوطنية، وهنا نرى أن استهداف الجيش والقوات المسلحة يمثل أقذر تلك الأساليب التي يتم اتباعها في تخريب بنية التماسك الوطني، ولعلنا نستعيد كل محاولات الإساءة للرمزالوطني الجامع، وهو الجيش ومؤسساته المختلفة ، ذلك الأمر المقدس في جميع دول العالم على مر العصور.
إن مواجهة الجيش محاولة لإسقاط القيم الوطنية والمبادىء الجامعة لأبناء الشعب كافة ومحاولة لإسقاط وحدتهم الاجتماعية من خلال إسقاط تلك القيم والمبادىء السامية .
إنها سياسة الحقد من مدعي الحضارة، أولئك القادمون من حقبة القتل والتدمير وسلخ الجلود، أولئك حاملو الأكاذيب ومروجو سياسات التفرقة ومستخدمو أبشع أشكال القتل ومروجو عقدة التفوق والداعون إلى اتباعهم وتقليد سلوكهم والمطالبون بالتخلي عن الموروث الحضاري والثقافي لأمم الأرض كافة واستبدالها بسلوك القصف النووي في هيروشيما وناغازاكي.
هؤلاء هم الداعون والمؤيدون لانتهاك المقدسات وإسقاط القيم الوطنية والحضارية العليا .
لقد كانت سنوات العدوان على سورية مسرحاً لكشف أكاذيب وأباطيل كثيرة ظهر معها الوجه الاستعماري المستمر في الدول والحكومات الاستعمارية التاريخية، فلا مبادىء ويلسون تغطي تلك الحقيقة، ولا أكاذيب حقوق الإنسان تعمي العيون عن الجوهر الإرهابي والقاتل لتلك الحكومات والأنظمة التي تربط حياتها بقتل الآخرين واستغلال ثرواتهم والسيطرة على مقدراتهم .
ولقد أفشلت إرادة الصمود كل أشكال العدوان وأبطلت أساليبه، لكنها دفعت ثمناً غالياً، كانت الخسائر المادية كبيرة ، فيما كانت أرواح الشهداء أغلى ما تم تقديمه، وهي ستبقى الثمن الغالي لسيادتنا وعزتنا .
معاً على الطريق- مصطفى المقداد