سورية تواجه إرهاباً دولياً عابراً للقارات، هذه الحقيقة غير خاضعة للنقاش، والعالم أجمع بات يسلم بها، أميركا التي تدير دفة هذا الإرهاب، ومعها دول الغرب الاستعماري، إضافة لبعض الانظمة الإقليمية والمستعربة، ما زالوا يراهنون على عكازهم الإرهابي لكسر إرادة الصمود لدى السوريين، فالكثير من أجنداتهم العدوانية لم تتحقق بعد، وعلى رأس هذه الأجندات ضرب محور المقاومة، وحاضنتها وقواها الحقيقية، كمقدمة للإجهاز على القضية الفلسطينية لمصلحة الكيان الصهيوني، وإطلاق يده في المنطقة، بطولها وعرضها، وهذا الأمر لن يتحقق على الإطلاق طالما بقيت سورية متمسكة بالأرض والحقوق، وبنهجها المبدئي والثابت الرافض للتنازلات والاتفاقيات المنفردة مع العدو الصهيوني مهما كان شكلها ومضمونها، ففي النهاية هذا العدو لا يفهم سوى لغة القوة، ولا ينفع معه إلا خيار المقاومة فقط لاسترجاع الحقوق المغتصبة.
من هنا نفهم ماهية هذا التكالب الأميركي والغربي المسعور على سورية، حتى الأمم المتحدة بمختلف منظماتها وهيئاتها كانت ولا تزال متواطئة، أصدرت الكثير من القرارات العدائية المسيسة التي تصب في خانة دعم الإرهاب، وشجعت على تناميه بالتغاضي عن جرائم التنظيمات الإرهابية، و”الكيميائية” منها على وجه الخصوص، “الخوذ البيضاء” كانت على قوائم المرشحين لجائزة نوبل للسلام بفعل هذا التغاضي، وكانت تتماهى بالمطلق مع كل إجراء عدواني تتخذه أقطاب منظومة دعم الإرهاب بحق الشعب السوري، وهذا ما أدى إلى هذا الخلل الكبير الحاصل في منظومة العلاقات الدولية نتيجة الاصطفافات التي فرضتها الولايات المتحدة تحت معيار”من ليس معنا فهو ضدنا”، وهذا المعيار شرع الأبواب على مصراعيها أمام الدول اللاهثة وراء إرضاء الأميركي وتنفيذ رغباته، فباتت الأراضي السورية وجهة لمئات آلاف الإرهابيين الذين صدرتهم تلك الدول لتأكيد تموضعها في خندق الإرهاب الأميركي.
المشروع الصهيو-أميركي يتقهقر في سورية، وهذه حقيقة واضحة تؤكدها حجم النزعة الانتقامية التي تدفع إدارة الإرهاب الأميركية لتسعير نيران حقدها تجاه الشعب السوري الملتحم مع قيادته وجيشه البطل، فتحاول خنقه بحصار جائر يرقى إلى أعلى مستوى من درجات الإرهاب الدولي، وتشارك فيه ذات الدول التي تصدر الإرهابيين أو تدعمهم بشكل أو بآخر، وتضرب بكل قوانين الشرعية الدولية عرض الحائط، لإنتاج قوانين مفصلة على مقاس أطماعها، تخدم أجنداتها، وتعطي الإرهابيين صفة الشرعية، فإرهابيو “النصرة” و”داعش” وباقي التنظيمات الإرهابية التي تدور في فلكهم الإجرامي هم “معارضة معتدلة” بنظر مشغلهم الأميركي وداعمهم الأوروبي.
الدعم الأميركي المفرط للإرهاب الدولي، ليس في سورية وحسب، وإنما في مناطق عديدة تستهدفها الأطماع الغربية، أنتج هذا المشهد الفوضوي بصورته الراهنة على المسرح الدولي، وشجع الكثير من الدول الحالمة باستعادة عهودها الاستعمارية البائدة لإشعال الحروب، وإثارة النزاعات، وتوجيه ضربة قاصمة للاستقرار والأمن الدوليين، فبات العالم بأمس الحاجة اليوم لمن يعيد له توازنه المفقود، وهذا لن يتم إلا بالعمل على بناء علاقات دولية صحيحة، تحكمها القوانين والمواثيق الأممية، ويتخلى خلالها الغرب عن سياساته العدائية، ويمتثل لمبدأ قوة المنطق، بدل منطق القوة، وهذا كفيل بإعادة بناء نظام عالمي جديد تنتفي فيه الحروب والصراعات، وتسوده الحرية والعدالة.
نبض الحدث – بقلم أمين التحرير- ناصر منذر