ليست المعركة مع العدو دبابة مقابل دبابة ، ولاطائرة مقبل أخرى ، أو سلاح مقابل سلاح آخر ، فقط ، المعركة أبعد من ذلك ، هي التحدي الحضاري والوجودي ، وهي القدرة على البناء والتطور والتجديد والتحديث والتنمية ، والسير بالمجتمع نحو ترسيخ المقدرات ، فبناء أي مشفى ، أو صرح تربوي أو حضاري أو ثقافي ، هو مواجهة ، الاكتفاء الذاتي ، والقدرة على الإنتاج مواجهة وسلاح .
ومن لايضمن لقمة عيشه من ترابه ، وأرضه فهو ليس حراً بما يتخذه من قرارات ، من هنا كانت رؤية سورية لما أسمته التوازن الإستراتيجي الذي تحقق بنسبة كبيرة، وهذا ما كان العدو يرصده ويعمل على الحؤول دون وصوله إلى نتائجه ، فكانت الحرب العدوانية على سورية ، بل ظهورها بشكلها الفج والوقح بعد أن كانت تشن سراً وبأدوات مختلفة .
حين أخفقوا في ميادين المواجهة على الرغم من كل مازجوه ، كانت حربهم ضد البنى التحتية في كل بقعة سورية ، من المعامل ومحطات تحلية المياه ، إلى الجسور والمدارس ، هل ننسى ما قامت به واشنطن في المنطقة الشرقية ، هل ننسى كيف دمروا أضخم مشفى في الشرق الأوسط لمعالجة الاورام ( الكندي ) في حلب ؟
لا ، ولن ننسى كيف أحرقوا حقول القمح حين نضجها ، ولا كيف يسرقون نفطنا ، ولا كيف فككوا المعامل في حلب ونقلوها إلى تركيا ، الجعبة ملأى ، واليوم على نهج الإجرام نفسه ، ما يجري من أعمال عدوانية في افتعال الحرائق ، والعمل على تدمير ما يمكنهم تدميره .
حرب إبادة على سورية، بل سياسة الأرض المحروقة ، لكن ما نراه ويراه العالم ، من قدرة السوريين على المقاومة على الرغم من الجراح النازفة ، هو الأمل ، كل سوري هو الثروة ، وكل شبر من سورية معطر بالدم الطهور ، معا نبني ونعد للمواجهة الكبرى ، مواجهة الجهل والتخلف والهيمنة ، سورية تعرف كيف تبني وتصون كرامتها وقرارها الحر .ولاخوف على مجتمع يبني ويعرف كيف يكون خلاقا رغم كل ما يحيق به من محن ،بل يحولها إلى منح ،وهذا ليس بمستحيل فلنهيء كل أسباب ذلك .
البقعة الساخنة – ديب علي حسن