عندما كنا صغاراً كانت تأتي كل عام الجرافات والتركسات في الصيف وتقوم بقطع وفلاحة غابات من السنديان والبلوط والزعرور وكل الأنواع الحراجية و بمساحات كبيرة جداً ومن ثم يتم تحضيرها ليتم زراعتها بالأشجار في موسم التحريج حيث كان يعمل عدد كبير من الأهالي بعقود موسمية بزراعة أشجار الصنوبر بدلاً من الأشجار المتنوعة التي تم اقتلاعها .
اليوم مع اندلاع الحرائق ظهرت النتائج الكارثية لأعمال الماضي التي قتلت التنوع البيئي وجعلت من غابات الصنوبر قنابل موقوتة سرعان ما تنفجر وتحرق كل ما حولها، عدا عن أن إعادة تأهيلها وتشجيرها يحتاج لسنوات طويلة وتكاليف مادية عالية بعكس الغابات المتنوعة الغطاء النباتي التي تعود وتنمو بسرعة بظل الظروف الجوية المناسبة من أمطار غزيرة وحرارة مناسبة .
من يقارن بين الغابات المحروقة في السنوات الماضية يكتشف الفرق بين موقع كان مغروساً بأشجار الصنوبر وآخر بحراج طبيعية ، الموقع الذي كان مغروساً بالصنوبر مازال قاحلا ولم تنفع معه عمليات التحريج والسقاية، فيما مواقع الحراج الطبيعية عادت واكتست بالأخضر وبدأت بلعب دورها البيئي عدا عن استفادة جوارها بالاحتطاب والرعي وجني النباتات الطبية والعطرية وغير ذلك من منتجات الغابات .
الآن نحن أمام مفترق مهم لتعويض ما فقدناه من أشجار مثمرة وحراجية ، فالفرصة كبيرة لإعادة زراعة أصناف مناسبة من الأشجار المثمرة، ومناسبة لإعادة الغطاء النباتي الطبيعي المتنوع، ومناسبة لفتح الطرق وتجهيز خطوط النار وإقامة السدات المائية، ومناسبة لقطع بقايا الغابات المحروقة وبيعها بأسعار رمزية للمجتمعات المحيطة بالغابات من أجل التدفئة بغياب المازوت وصعوبة تأمينه وشرائه وبيع الفائض منه بأسعار مناسبة للمناطق البعيدة .
المهمة الثانية يجب تحويل كل التبرعات المالية إلى تمويل مشاريع صغيرة للمتضررين، فمن احترقت أرضه وخسر كل شيء لا تعنيه سلة غذائية ومبلغ صغير يكفيه لأيام وإنما يحتاج الى إقامة مشروع زراعي مناسب بدءا من إعادة زراعة الأرض مرورا بتربية الأبقار والماعز و الدواجن وصولاً الى وحدات تصنيع المنتجات الحيوانية والنباتية.
على الملأ- بقلم مدير التحرير-معد عيسى