الثورة أون لاين :
غالباً ما يكون لظرف العرض أثرٌ ما على المتلقي.. وبالتالي على نظرته وحكمه على عمل ما دون غيره.. كأن يُعرض عمل درامي في خضم شهر المنافسة الدرامية السنوية، الموسم الرمضاني من كل عام، ثم تتمّ إعادة عرضه خارج هذا الموسم.
عين فاحصة تدرك الفرق بين الحالتين، ولا سيما إن تمّ حشد أعمال ليست بالمستوى المطلوب، كما كان في موسم الدراما المحلية لعام 2020، وهو ما يدفع المتلقي، تلقائياً، للانحياز لأي عمل يتضمن بعض شروط نجاحه وليس جميعها.
في موسم 2020، تمّ تقديم عمل ينتمي للدراما المشتركة (سوري، لبناني) هو “أولاد آدم”، نص رامي كوسا، حقق نوعاً من التمايز اللافت بين نظرائه من أعمال سواء أكانت مشتركة أم سورية محلية أم لبنانية محلية.
في أولى عوامل تميزه عن سواه كان أن جاء بإمضاء المخرج المميز الليث حجو.. الاسم الذي هو خطوة ضمان أولى لنجاح أي عمل على المستوى الإخراجي.
فالليث يعيد قراءة النص الذي بين يديه إخراجياً ولا يكتفي بعملية تفريغ الورق بصرياً، أو تحويله مادةً بصريةً وفقط.
متابعٌ لمجمل أعماله يدرك تلك “الروحية” التي يلصقها بأعماله ما يجعله صاحب بصمة مميزة تطبع إخراجاته بغالبيتها.
في “أولاد آدم” حين متابعته للمرة الثانية خارج دائرة المنافسة، تدرك أن رافعة العمل الأميز، دون نسيان الإخراج، تتمثل بشخصية محورية هي شخصية “غسان”، ويأتي حضور “دانييلا رحمة” المفارق عن بقية شخصيات قدّمتها عبر شخصية “مايا” حاملاً بعض النكهة المختلفة التي أضافت للعمل.. وغالباً كان ذلك بتأثير بصمات المخرج.
فيما لو نظرنا للعمل بدون هاتين الشخصيتين.. فجأة وبنظرة بانورامية لمجمل تفاصيله وتفرعات حكاياته، سندرك مقدار ما يحتويه من (إماعة/تمييع) شيء ما يسمى بصمة محلية..
فالعمل هجين بين حالة سورية وأخرى لبنانية.
خليط لم يقوَ على حمل بصمة تميّزه بما يطلق عليه “الخصوصية المحلية”.
ولا ندري إن كان من حسن حظ المخرج حجو، أو سوء حظه، أن يتمّ عرض هذا العمل على شاشة عربية بنفس الفترة الزمنية التي يتم فيها إعادة عرض، على شاشة محلية، عمل “الانتظار”، إخراج حجو نفسه، ونص حسن سامي يوسف ونجيب نصير.. العمل المُغرق بتشرّب تفاصيل محلّيته والمُغرق أيضاً برسم تفاصيل شخصياته.. والتي كان أميزها شخصية “عبود”، التي تبقى من أكثر الشخصيات الفارقة في مسيرة النجم تيم حسن.
بالطبع ليس الحديث من قبيل عقد مقارنات بين عملين تختلف ظروف وحكاية كل منهما.. لكن أن يتشابها لجهة كون المخرج هو ذاته ولكون كل من النصّين جاء بأقلام محلية سورية.. يجعل المقابلة بينهما ليست بالشيء المستبعد..
أيّهما تشبّع بروح صانعيه.. إخراجاً ونصاً..؟
أيهما قارب الحالة السورية أكثر..؟
وأيهما بقي الأقرب إلى مزاج المتلقي المحلي وبالتالي الأكثر تأثيراً..؟
لميس علي