النظام التركي، والاتحاد الأوروبي بغالبية دوله الأعضاء، شركاء أساسيون في الحرب الإرهابية على سورية، وهذه حقيقة مسلم بها، وتثبتها الوقائع على الأرض، وكثيرة هي المرات التي عرى فيها أولئك “الشركاء” أنفسهم، ويتقاذفون الاتهامات المتبادلة لمحاولة تلميع صورتهم الملطخة عند كل خلاف وتناحر يدب بينهم، إنه أسلوب النفاق في السياستين التركية و الأوروبية ، الذي يجسد قلق الحكومات الأوروبية من خطر ارتداد الإرهاب الذي قدموا له مختلف أشكال الدعم في سورية.
نزعة الإجرام التركي أظهرها جاويش أوغلو بكل وضوح في سياق رده على مطالبة وزيرة خارجية السويد بسحب قوات نظامه المحتلة من أراضي شمال سورية، فكشف مجدداً عن نية نظامه بمواصلة عدوانه واحتلاله لإدلب في سياق أطماعه التوسعية، والاستمرار بدعم إرهابيي “النصرة” الذين باتوا جزءاً من تشكيلات جيشه الانكشاري، وهذا ينسحب أيضاً على نيته بعدم التخلي عن دعم مرتزقته في بعض المناطق بأرياف الحسكة وحلب تمهيداً لابتلاعها وعزلها عن محيطها الجغرافي، لتكون منطلقاً لتوسيع نطاق عدوانه، الأمر الذي يجسد حقيقة ارتباطه الوثيق مع التنظيمات الإرهابية بمختلف أشكالها وتسمياتها، وهو يستثمرها اليوم في إطار مشروعه الاستعماري الذي يستهدف الكثير من دول المنطقة، وقد بات الأوروبيون يستشعرون خطر هذا المشروع على أمنهم اليوم.
و الحقيقة أن ضغوط الأوروبين تأتي انطلاقاً من مخاوف أوروبية لجهة احتمال إقدام النظام التركي على نقل الإرهابيين إلى داخل أوروبا في وقت لاحق عندما تقتضي مصالحه الاستعمارية ذلك، كما فعل في ليبيا والعراق سابقاً، ويرسل الآلاف منهم اليوم إلى إقليم ناغورني كارباخ، ومن غير المستبعد أن ينكشف في المستقبل المنظور أو البعيد تورط نظام أردوغان بالعمليات الإرهابية التي هزت العديد من الدول الأوروبية خلال السنوات القليلة الماضية، ولاسيما أن بعض منفذيها تسللوا من بين المهجرين الذين فتح لهم أردوغان الأبواب أمام أوروبا.
و الحقيقة الأخرى لم يسبق أن سمعنا إدانة هذه الدول للجرائم التي ارتكبها هذا النظام بحق السوريين، أو لعمليات اللصوصية التي ينتهجها بحق ثرواتهم النفطية ومحاصيلهم الزراعية، ومصانعهم وممتلكاتهم، أو لعمليات التهجير القسري وسياسة التتريك الممنهجة التي يفرضها في المناطق التي يحتلها مع مرتزقته الإرهابيين، وذلك لأنها متواطئة معه في تلك الجرائم، وتشكل إلى جانبه جزءاً من منظومة العدوان على سورية وشعبها، وكل ما يصدر من تراشق كلامي بين الجانبين لا يخرج عن سياق محاولة كل طرف التنصل من جرائمه، وإلقاء مسؤولية دعم الإرهاب على الطرف الآخر.
البقعة الساخنة – ناصر منذر