الثورة أون لاين – هفاف ميهوب:
من يقرأ واقعنا، لابدَّ أن يدرك بأنه الواقع ذاته الذي قُرأ في ماضينا، والذي سيُقرأ في المستقبل الذي لم يترك فيه أعداء النور ما يُقرأ، إلا الخراب والاغتراب والأحقاد والعذاب والاقتتالات والظلمات التي باتت تعمينا.
حتماً، هو أمرٌ في غاية الخطورة على حياتنا ومجتمعنا ووطننا، ويحتاج للتنبيه إلى ما نبهت إليه الأديبة “قمر كيلاني” عندما أكدت على ضرورة الاهتمام بالمزارعين والفلاحين والصيادين، وكلّ من يرتقي بعقول أبناء الحياة.. أيضاً، إلى مسؤولية المثقفين والأكاديميين والباحثين ومسؤولي القنوات الفضائية والإعلاميين، وغيرهم ممن قالت عن دورهم في مجتمعاتنا التي يعيشون فيها وإيانا الكثير من المشكلات :
“المثقف العربي في العموم ملتزم من تلقاء نفسه بكل ما تعانيه هذه الأمة من مشكلات وتحديات، وهو يعيش أيضاً في هذه المعمعة التي تحدث حالياً في القتال والمواجهة مع الأعداء. رغم ذلك، يجب أن تتفتح الرؤية وأن يطغى صوت المثقف في الساحة ليأخذ دوره الحقيقي والفعال”.
بالتأكيد هو ما نحتاج إليه في زمنٍ، وإن عاشته ورأت كيف يسعى فيه الأعداء لاستلابنا وتدمير حياتنا، ولطمس هويتنا وثقافتنا ولغتنا، إلا أنها بقيت تحاربهم وعبر رواياتها وحواراتها والمقالات التي كتبت فيها تواجههم :
“أنا لست خائفة من إلغائنا أو طمس هويتنا، فنحن شعب حي ولغتنا حية وليس من السهل استلابنا أو مصادرتنا.. مهما كان الواقع مريراً، إلا أننا نملك من الأصالة والتاريخ والعراقة، مايجعل أي قوة في العالم، تعجز عن اقتلاعنا من جذورنا، أو حتى تغيّر وجهنا.. نحن صامدون، وليفعل الأعداء ما يشاؤون”..
هكذا واجهت عدو وطنها، بل والمتآمرين من العرب المنقادين أو الصامتين، وفي زمنٍ أعلنت وبعد أن رأته يتساقط في دوامات الحرب والدمار، ويغرق في مستنقعات الخيانة والذل والعار :
“أنا سيئة الحظ، جئت في الزمن الأخير.. زمن العرب الضبابي القاتم.. زمنهم ذي الغبار والضجيج، حيث العيون لاترى، والأذان لا تسمع، أما الأفواه فهي إما مغلقة أو فاغرة لا تفهم ما يدور حولها، ولا تفهم لغة العصر، أو حتى لغات بعضها بعضاً”.
هذا ما أعلنته هذه الأديبة المتجذرة في قلب وطنها السوري. الوطن الذي كان ينمو ويكبر في روحها وأنفاسها وإبداعها وصوتها : “الشجرة مغروسة في قلبي وقلمي”.. الشجرة الحياة المعطاءة في خيراتها، والراسخة في عمق أرض قرأنا قدسيتها في أوراقها :
“أرضنا ليست يباباً، ومقدساتنا لن تغدو خراباً، فهذه الأرض ستبقى تنجب من يدافع عنها لتظل الحياة مزهرة فيها”