” جمهوري أم ديمقراطي”.. أميركا تحكمها عقلية استعمارية واحدة

 

على بعد نحو أسبوع من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تكاد الأخبار المتصلة بهذا المشهد الانتخابي، وما يشوبه من تناحر سياسي بين مرشحي الحزبين “الجمهوري والديمقراطي” تتصدر العناوين في هذه المرحلة، وهذا له علاقة قوية بما يجري من نزاعات وحروب متعددة خلفتها مفرزات سياسة الفوضى الهدامة التي تمارسها أميركا لتثبيت هيمنتها التي باتت في طريق التلاشي التدريجي، بفعل ظهور قوى عالمية صاعدة تتصدى لسياسة الأحادية القطبية، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشار مؤخراً إلى هذه الحقيقة بقوله: “إن الولايات المتحدة التي كانت تحظى بالهيمنة المطلقة في العالم خلال فترة سابقة لم تعد قادرة على الادعاء باستثنائيتها”.

لا أحد في هذا العالم يعتقد بإمكانية أن تغير الولايات المتحدة سياساتها القائمة على نهج القوة والبلطجة الدولية، لأن جميع الإدارات السابقة ” جمهورية كانت أم ديمقراطية” سارت على هذا النهج والسلوك العدواني، وثمة سبب جوهري لذلك، هو أن الرؤساء الأميركيين لا ينتخبون من قبل الشعب الأميركي مباشرة، وإنما يتم تعيينهم من قبل شركات المال والنفط والسلاح والمجمعات الصناعية وغيرها، فتلك “اللوبيات” الضاغطة هي من تحدد في النهاية هوية الرئيس القادم بما يخدم مصالحها في هذه المرحلة أو تلك، وكل المهاترات التي نسمعها من المسؤولين الأميركيين اليوم بشأن مزاعم التدخل الخارجي في الانتخابات، هو فقط لإذكاء نار الحقد والكراهية في نفوس الشعب الأميركي تجاه دول بعينها، كـ” روسيا والصين” لأنهما تشكلان منافساً استراتيجياً للولايات المتحدة على الساحة الدولية، وتقفان في وجه سياساتها الهدامة، وتكبحان في مجلس الأمن تصرفاتها كدولة مارقة على قوانين الشرعية الدولية، ولاحظوا أن إيران أيضا دخلت على خط الاتهامات الأميركية، لأنها أيضاً تشكل عامل ردع قوي لسياسة البلطجة الأميركية في المنطقة.

المسؤولون الأميركيون الطامحون للسلطة دائماً ما يلجؤون لتغذية الشعور العدائي تجاه كل من يناهض سياسة بلادهم اللاهثة وراء تثبيت نمط محدد من العلاقات الدولية يقوم على التفرد والتسلط، وإقصاء الآخر، مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين قال إن إدارته تدرس خيارات بديلة لمعاقبة روسيا والصين وإيران، ودول أخرى لم يسمها تحاول التأثير على طريقة التصويت في الانتخابات الأميركية، فأي دولة “عظمى” تلك التي لا تستطيع حماية عمليتها الانتخابية؟!، الحقيقة أن واشنطن تحاول شيطنة تلك الدول لمحاولة ابتزازها وإخضاعها، كذلك رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأميركي إليوت إنجل طالب وزير الخارجية مايك بومبيو، بمضاعفة جهود الحزبين ” الجمهوري والديمقراطي” لمعارضة ما سماه “تطبيع الدول الأخرى مع سورية”، بمعنى أن إدارته هي التي يجب أن تقرر نيابة عن الدول الأخرى التي تريد تعزيز علاقاتها مع سورية، وأن تحدد أيضاً طبيعة تلك العلاقات وفقاً لشروط ومعايير سياسة الابتزاز الأميركي، وهذا بحد ذاته إقرار بعجز أميركا عن إخضاع سورية، رغم عدوانها المتواصل وشراسة الحرب الإرهابية التي تقود دفتها، ورغم كل محاولاتها العبثية لتطويقها سياسياً واقتصادياً، حتى أن اليوت إنجل هذا، يبدو أنه قد تناسى أو تجاهل بأن بومبيو نفسه اعترف مؤخراً بما معناه أن دمشق لا تفاوض حتى أميركا نفسها إلا وفق شروط تمليها مصالحها العليا، وبمعنى آخر هي لا تستجدي العلاقات، وتبنيها فقط على أساس الندية والاحترام المتبادل، لأنها صاحبة قرار وسيادة، وهذا بطبيعة الحال ما يثير حنق إنجل وبومبيو، وكل المسؤولين الأميركيين وإداراتهم المتعاقبة.

الانتخابات الأميركية مجرد استعراض سياسي، لا تحمل معها أي تحولات جوهرية في سياسة واشنطن الخارجية، فكلا الفائزين سواء كان ” جمهورياً أم ديمقراطياً “، لن يخرج عن سياق النهج الاستعماري الذي تعتمده الولايات المتحدة لضمان بقائها دولة مهيمنة على النظام العالمي، ولكن تلك لانتخابات تشكل أيضاً فرصة كبيرة لإظهار مدى الانحطاط السياسي والأخلاقي لمعظم المسؤولين الأميركيين، وترامب وبايدن جسدا هذه الحقيقة بصورة حية، على مرأى ومسمع العالم بأجمعه.

من نبض الحدث- ناصر منذر

آخر الأخبار
Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها خطوة "الخارجية" بداية لمرحلة تعافي الدبلوماسية السورية  الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة.. جولة أفق للأولويات والخطط المستقبلية تشليك: الرئيس الشرع سيزور تركيا في الـ11 الجاري ويشارك في منتدى أنطاليا بعد قرارات ترامب.. الجنيه المصري يتراجع إلى أدنى مستوياته الأمم المتحدة تحذر من انعدام الأمن الغذائي في سوريا.. وخبير لـ" الثورة": الكلام غير دقيق The Hill: إدارة ترامب منقسمة حول الوجود العسكري الروسي في سوريا