ثورة أون لاين _عبد الحميد غانم :
أحيت الأمم المتحدة في هذا العام ذكرى تأسيسها الخامسة والسبعين، التي صادفت في 24 تشرين الأول عام 1945، إذ تكاملت التصديقات اللازمة على ميثاقها في هذا اليوم التاريخي، فأصبح نافذاً منذ ذلك الحين، وأصبح العالم يحتفل بيوم الأمم المتحدة في 24 تشرين الأول من كل عام.
نشأت الأمم المتحدة بعد مآسي الحرب العالمية الثانية، وكان مطلوباً منها أن تمنح الأمل للإنسانية جمعاء بعالم أفضل يعمل فيه الجميع في إطار التنوع السياسي والثقافي والاقتصادي والدبلوماسية التعددية لإنهاء الاستعمار والهيمنة والاحتلال والعدوان وللحد من مخاطر الحروب والفقر والمرض والمجاعة والتصحر غير أن جردة حساب السنوات الخمس والسبعين الماضية لم تبدد مخاوف العالم المشروعة من المستقبل المحذوف بالمخاطر، اذ لا يزال يلف عالمنا مظاهر العدوان والهيمنة والصراع، ويهدد أحيانا بحرب عالمية غير مألوفة وغير محسوبة العواقب.. عالم تتنازع فيه نوازع الخير والشر، وتتنافس فيه قوى اصحاب الحقوق وقوى الاحتلال والعدوان.. عالم تحاول قوة وحيدة الاستفراد والهيمنة عليه وفرض إرادتها على بلدانه وشعوبه وتنفيذ سياساستها المتمردة على ميثاق الأمم المتحدة… سياسات تحكمها المصالح الأنانية لبعض الحكومات ذات النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري والتي استهدفت قبل كل شيء حق العديد من دول العالم باحترام وحدة أراضيها واستقلالها السياسي وتقرير مصيرها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية حتى وصل الحال اليوم بأن يصبح النمط الأكثر انتشاراً في العلاقات الدولية هو قيام دولة واحدة عظمى وهي الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها باحتلال أراضي الغير دون تردد أو خوف من تبعات انتهاك الميثاق إلى جانب الاستمرار في التهديد باستخدام القوة العسكرية أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة بالتوازي مع فرض إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب بهدف تجويع الشعوب وكسر إرادتها.
وعلى الرغم من أن المنظمة الدولية أنجزت الكثير في مواجهة التحديات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية، وأنقذت مئات آلاف الأرواح، ووفرت التعليم لملايين الأطفال، لكنها لم تنجح في منع وقوع الحروب والصراعات وإنهاء الاستعمار والاحتلال والعدوان.
إن نجاح الأمم المتحدة مرهون بأفعال أعضائها التي تحكم على مدى الالتزام بالروح الحقيقية لميثاق المنظمة ولشعارها: “نحن شعوب الأمم المتحدة” وإلا فانه سيبقى العالم أسير احتفاليات إحياء الذكريات، بينما تطبق بعض الحكومات شعارها الخاص ألا وهو “نحن الحكومات المانحة التي تملك النفوذ الاقتصادي والسياسي والقوة العسكرية” حينها لن يستطيع العالم أن يقف في مواجهة مجرى الأحداث وتداعياتها على دوله وشعوبه، والتي ستؤدي بمنظمة الأمم المتحدة إلى ذات مصير عصبة الأمم التي انتهت إلى حرب عالمية ثانية.