ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم:
لم تكد أصوات المرتزقة تنطلق حتى كان الاستنفار يعم الشركاء في العدوان على سورية، القدماء والجدد.. الوكلاء والأصلاء.. المحالين منهم إلى التقاعد المبكر أو أولئك الذين استدعتهم إسرائيل إلى الخدمة مجدداً،
وحتى التي كانت قد أقفلت الباب على دورهم عادت وطلبت منهم الانضمام إلى الجوقة في فصل جديد من فصول الاستهداف التي تحاكي في أغلبها معطيات الحالة التي وصلوا إليها، بعد أن أدركوا أنها قد تكون الفرصة الأخيرة، نتيجة الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري.
خرج الفرنسيون وقبلهم كان البريطانيون، ومعهم جاءت الأصوات من مختلف الاتجاهات بالتزامن مع البدء الفعلي لمهمة المفتشين الدوليين للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية لتنفخ في قربة الكيماوي، على نسق واحد وبالرتم ذاته، حتى المفردات والكلمات كادت تكون واحدة في حروفها وجملها ودعواتها، والتقت الجزيرة مع العربية بعد طول خصام على المنوال ذاته.
وحتى الجامعة العربية استفاقت من غفوتها، وهدأ الدوار الذي أصاب أمينها العام بعد رحيل ملهمه القطري، وعادت إلى الأضواء من النفق ذاته الذي غرقت فيه وأغرقت العمل العربي المشترك، على قاعدة ترجمتها لأمر العمليات الأميركي الإسرائيلي ومرتزقتهما من أبواق الإرهابيين ومشغليهم.
كان بمقدور الجامعة أن تواصل غفوتها، أو أن تستمر في تثاؤبها أمام تطورات الوضع العربي بعد أن بلعت لسانها طوال الأشهر الماضية، وهي التي لم تحرّك ساكناً رغم أن كل ما جرى وما يجري في المنطقة أمام ناظريها، وكان باستطاعة أمينها العام أن يواصل انشغاله بحزم حقائبه بعد أن أسقط في يديه، بدل الغوص في المستنقع الآسن ذاته.
يسجل للجامعة العربية أنها كانت أول المستجيبين لأمر العمليات الجديد، حتى إنها سبقت الفرنسيين والبريطانيين، ولم تكد القنوات الشريكة في سفك الدم السوري تطلق حملتها الهستيرية، حتى بادرت الجامعة العربية إلى تسجيل حضورها السخي، وقد سجلت إضافاتها على المسعى الغربي الإسرائيلي كما اعتادت طوال أشهر الأزمة في سورية.
قد لا يكون مفاجئاً هذا التناغم في الحصيلة التي وصل إليها شركاء العدوان على سورية في الإعلام والسياسة والدبلوماسية، فتحركت شخوصهم في الكواليس وعلى المنابر، في حملة هلوسة واضحة المعالم والأهداف تعكس حجم المأزق الذي وصلت إليه، كما تترجم بشكل حرفي ما هو مطلوب منها.
فالتوقيت يحمل دلالة واضحة في التنسيق المسبق والمتعدد الأطراف على مستويات التخطيط والتنفيذ، وصولاً إلى التسويق، فيما المضمون كان كافياً لقراءة الرسائل بكل ما تنطوي عليه، والأبعاد الكاملة للفصل الجديد من فصول المؤامرة بأطرافها وقادتها الذين كانوا يتحضرون لبدء الحملة.
ما فرّقه رحيل القطري دون سابق إنذار، يحاول السعودي أن يجمعه على القاعدة ذاتها، مع الإضافات الجديدة التي عمل عليها بعد أن فشلت دبلوماسية الشراء والبيع في تحقيق مراده، فكانت بدائله بحملة منظمة تعيد التنسيق إلى الأطراف التي بعثرها الغياب القطري، وتحاول أن تعوّض الانكفاء التركي والانشغال المصري بعد سقوط الإخوان.
عودة الجامعة إلى العباءة السعودية عليها أكثر مما لها، وتضيف أعباء أكثر مما تخفف من عوامل التبعثر القائمة في أطراف العدوان، خصوصاً أن الزعامة السعودية للإرهاب تتزامن مع هواجس انتقلت إلى السطح من تداعيات الانفجار المحتمل للإرهاب في الغرب الأوروبي على خلفية فشل المشروع، فكان لا بد من إشغال الأوروبيين بالقربة التي شغلتهم وأبعدتهم عن الاهتمام بالخطر الحقيقي المحدق بهم نتيجة سياسة قادتهم الطائشة.
الهستيريا المزدوجة في السياسة والإعلام، والمركبة في الممارسة والتسويق، تعكس الحال الذي وصل إليه داعمو الإرهابيين، حيث تضيق الخيارات لديهم كما ضاقت أمام مرتزقتهم، والهلوسة التي يحاكي من خلالها داعمو الإرهاب وحماته والمشاركون المباشرون وغير المباشرين فيه تترجم في حدها الأدنى القاع الذي يغرق فيه متزعمو الإرهاب الجدد.
a.ka667@yahoo.com