الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
حذر خبراء ووكالات حكومية من مخاطر حدوث أعمال عنف في انتخابات الثالث من تشرين الثاني بينما يتجه الأميركيون للتصويت لانتخاب رئيسهم القادم. حدوث العنف أمر محتمل جداً فمن الممكن أن يقتصر على ترهيب الناخبين في عدد قليل من مراكز الاقتراع، ولكن مع ذلك هناك خطر حدوث هجمات أكثر دموية، ولا سيما من قبل المتعصبين البيض والمتطرفين المناهضين للحكومة، ضد الأقليات وسياسيي الحزب الديمقراطي.
وقد يتزايد خطر العنف في حالة هزيمة الرئيس دونالد ترامب في صناديق الاقتراع بحجة عدم شرعية نتائج الانتخابات.
يعتبر المتعصبون للعرق الأبيض والنازيون الجدد من أكثر مظاهر هذا التهديد ضرراً، ولكن هناك أيضاً مجموعات مثل Oath Keepers)) و (Boogaloo (Bois وبعض الجماعات الأقل شهرة ولكنها لا تزال جادة مثل الميليشيات المناهضة للحكومة التي لها ممثلون في جميع الولايات الأميركية، معظم هذه الميليشيات هي من أشد المؤيدين للتعديل الثاني، وأفرادها مسلحون جيداً، ويتدربون بانتظام، ويسعون إلى تجنيد أعضاء من ذوي الخبرة في إنفاذ القانون والخبرة العسكرية.
واستناداً إلى المؤامرة الأخيرة لمحاولة اختطاف حاكمة ولاية ميشيغان، جريتشن ويتمير، فإن أعضاء هذه المجموعات مستعدون لتحمل مخاطر جدية مثل الاختطاف وإلحاق الأذى بشخصيات سياسية أميركية كبيرة، ويبدو أن نفس هذه الميليشيات قد خططت أيضاً لاختطاف حاكم فيرجينيا رالف نورثام.
هناك أيضاً تهديدات لليسار، مع احتمال وقوع اشتباكات بين مؤيدي ترامب وأتباع جماعة “الأنتيفا”، وكثير منهم يعتبرون الرئيس ترامب فاشياً ويمكن أن يكون لديهم دوافع كثيرة للجوء إلى إجراءات أكثر تطرفاً وعنفاً، في أعقاب فوز ترامب في الانتخابات، فقد انتقد ترامب مراراً وتكراراً “الأنتيفا”، واصفاً الحركة بأنها أكبر وأخطر بكثير مما هي عليه في الواقع، من خلال التهديد بتصنيفها كمنظمة إرهابية، حيث وضع ترامب أعضاء الحركة بشكل مباشر في مرمى نيران اليمين المتطرف، ما قد يؤدي إلى وقوع اشتباكات مباشرة في يوم الانتخابات وبعدها مباشرة.
قد يحاول ترامب نفسه التحريض على العنف، أو على الأقل يشير بشكل غير مباشر إلى أنه يتعاطف معه، ومن الممكن أيضاً أن يغرد على تويتر بشأن مظالم أخرى ويتجنب تفاقم الأمور (على الرغم من أنه سيكون من الصعب جدًا توقع إصلاح الأمور).
وبإلقاء نظرة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد حدوث غضب مفترض من اليسار ” إن كان حقيقياً أو مصطنعاً”، سنرى حدوث أزمة تفاجئ سلطات إنفاذ القانون كما حدث عندما اندلعت مظاهرات Black Lives Matter في كينوشا بولاية ويسكونسن بعد إطلاق الشرطة النار على جاكوب بليك، حيث أدى الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تحويل الاحتجاجات المحلية إلى مواجهة أوسع تشمل ما يسمى بالمتطوعين من خارج المنطقة، وبعضهم كان عنيفاً مثل كايل ريتنهاوس، البالغ من العمر 17 عاماً الذي سافر من إلينوي إلى كينوشا، حيث قام بإطلاق النار ما أدى إلى مقتل وجرح العديد من المتظاهرين.
يمكن أن تكون هناك هجمات منسقة ضد مراكز الاقتراع ترتكبها خلايا صغيرة من المسلحين المنظمين، ومن المحتمل أن تكون هذه الهجمات هي الأكثر فتكاً، نظراً للسيطرة التي تملكها هذه المنظمات، والمدة الطويلة التي يستغرقونها في التخطيط لعملياتهم، والمراقبة واختيار الهدف قبل الهجوم لزيادة الخسائر، ولكن بالنظر إلى جهود الحكومة ضد هذه المجموعات المنظمة، فإن هذا الاحتمال ضعيف ولكنه سيناريو عالي التأثير.
وهناك أيضاً احتمال وقوع هجمات غير منسقة حيث يجد الأفراد المتطرفون، الذين يتصرفون بشكل مستقل إلى حد كبير من خلال الاستجابة لرواية مشتركة حول تزوير مفترض للانتخابات، فرصتهم للعمل بسرعة واتخاذ قرار بشن هجوم، وبالنظر إلى الحجم الكبير لتملك الأسلحة النارية في الولايات المتحدة ، فإن هذه الجهات الفردية سيكون لديها القدرة على إحداث فوضى على نطاق واسع، بالإضافة إلى أنه قد تتم هجمات غير منسقة بناء على معلومات مضللة يتم تداولها عبر الإنترنت.
وفي يوم الانتخابات قد يتعرض عدد من القادة السياسيين الأفراد إلى المزيد من الهجمات، كما هو الحال مع المؤامرة ضد حاكمة ميتشغان من قبل ميليشيا يمينية متطرفة.
كما أنه من الممكن أن تحدث مظاهرات واشتباكات يوم الانتخابات بين مؤيدي ترامب وأنصار نائب الرئيس السابق جو بايدن، مع بعض الحوادث الأخرى، فالتوتر بين الطرفين يعتبر أمراً ملموساً، ومن الممكن أن تكون هناك مواجهات في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 330 مليون نسمة.
يمكن تضخيم الحوادث المتفرقة عبر الإنترنت، ما يساهم في التحريض على الخروج على القانون والفوضى، وبالتالي الدعوة لأعمال عنف والانخراط في فوضى أو عصيان مدني أو ما هو أسوأ من هذا بكثير.
قد تتزايد الفوضى والعنف إذا خسر ترامب الذي حاول على مدى أشهر نزع الشرعية عن العملية الانتخابية، مدعياً (بدون دليل) أن التصويت عن طريق البريد سيؤدي إلى تزوير انتخابي واسع النطاق، وهو قد يعتقد، نظراً لغروره، أنه لم يخسر إلا بسبب الاحتيال، وعندها سيدعو مؤيديه إلى التظاهر و”استعادة” بلادهم، ما قد يؤدي إلى مظاهرات جماهيرية مضادة ووضع غير مستقر. ما الذي يمكن فعله لمنع كل هذا؟ بالطبع يجب أن يخفف الرئيس من خطابه، وفي حالة خسارته، يجب عليه الاعتراف بالهزيمة، ولكن، بالنسبة لترامب، هذا غير ممكن أبداً.
ستكون الانتخابات الأميركية حاسمة ومهمّة جداً لتقرير مستقبل أميركا السياسي والأمني والاجتماعي، فالمجتمع الأميركي يشهد الآن درجاتٍ عالية من الانقسام والتحزّب، ولن يكون من السهل إعادة وحدة الأميركيين أو الحفاظ على تنوّعهم الثقافي في حال تم انتخاب ترامب لولايةٍ ثانية.
المصدر Foreign Policy