الثورة أون لاين – سلوى الديب:
ثقة معدومة بين الكتاب ودور النشر ، وشروط مجحفة تدفع الكتاب للسعي لطباعة نتاجهم الأدبي خارج سورية بحثاً عن شروط أفضل ، ودور نشر تواجهه العديد من الصعوبات .. التقينا مع بعض الكتاب لمعرفة وجهة نظرهم :
وقد رأى المترجم حسين تقي سنبلي أن الَّذي يدفع المترجم أو الروائي أو القاص إلى العمل مع دور نشرٍ خارجيةٍ في المقام الأوَّل هو المكافأة المالية الكبيرة الَّتي يمكن أن يتقاضاها ، فمعظم دور النشر المحلية إن لم يكن كلّها لا تعطي المؤلِّف أو المترجم حقه إن لم أكن مجحفاً .
وأضاف أجر وزارة الثقافة منذ سنين خلت حسب علمي كان الأجر الأكبر الَّذي يمكن أن يتقاضاه أي مبدعٍ ، وإنما أقول الأكبر إن قارناه بالأجر المقدَّم من دور النشر المحلية ، ولكنه مع ذلك لم يكن يكفي المبدع .. أمَّا الآن فإني أرى أن التعديل على أجور وزارة الثقافة جعل الواحد منا يفكِّر في النشر فيها ، وليس في دار خارجية ، ولكن ، ما تزال هناك بعض المحسوبيات والواسطات الَّتي تمنع المبدع وتشكّل حاجزاً أمامه ، فلو أزيلت هذه الحواجز لكانت وزارة الثقافة هي المحج الأوَّل والأخير للمبدعين .
وقد رأى عائقاً آخر ما يزال موجوداً أمام النشر في وزارة الثقافة أو في اتحاد الكتاب العرب على حدّ علمه ، وهو أن تينك المؤسستين لا تقبلان النظر في مخطوطة – وليس في قبول المخطوطة أو رفضها – إن كانت تأليفاً أو ترجمةً أو في أي مجالٍ إبداعيٍّ آخر ، إلَّا إن طُبع ورقياً على نسختين ، ومرفقاً بقرص مضغوطٍ (CD) ، ومن ثمَّ يقوم المبدع بشحن هذا العمل إلى الوجهة الَّتي يريد ، وهذا عبءٌ على عبء المبدع وقلّة ذات يده ، وإنما أقول هذا من تجربةٍ شخصيةٍ .
أمَّا دور النشر الخارجية فتكون أساس المراسلة في هذا الوقت بالإيميل ، فيأتيك الرد رفضاً كان أم قبولاً ومن دون أي تكلفةٍ أخرى .
أما مدير دار الإرشاد للنشر عبد الجبار الجندلي فقال : أن معظم الصعوبات عامة تواجه المواطن السوري بشكل عام ، فالحرب الكونية ، و الحصار الاقتصادي ، والضائقة ، و الكورونا وما سببته من انكماش في الاقتصاد ، كل هذه العوامل مجتمعة سببت في نقص السيولة في يد المواطن عامة ، وجعلته يعمل بمبدأ الأولويات ، فالخبز أولاً والكتاب آخراً .
أما الصعوبات : هي توقّف المعارض العامة التي هي الشريان الذي يمدها بالحياة ، فعلى الصعيد المحلي فإن معرض مكتبة الأسد الذي كان من المفترض أن يقام قبل فترة وجيزة بدمشق ، ومعرض كتاب الطفل الذي كان موعده في هذه الأيام متوقفان بسبب الكورونا .. أما المعارض الخارجية ، وخاصة العربية ، فكذلك متوقفة ، وقد سبّب هذا التوقف إرباكات كثيرة لدور النشر ، إذ إن هذه المعارض تمد دور النشر بالعملة الصعبة التي ترفد الاقتصاد الوطني ، وتضخ الوقود في محركات دور النشر .
وأكد أنه لا صعوبات أخرى ، فالورق متوفر وبكثرة ، و المطابع واليد العاملة أيضاً بانتظار الطلبات ، ولكن بأسعار باهظة ، والمؤلفون والأدباء والمترجمون جاهزون ، وأعمالهم حاضرة بين أيديهم ، ودور النشر عاجزة لأنها في حالة سبات مؤقت بإذن الله ، وليس موتاً .
ومن يقول إن الإنترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي قد أثّرت تأثيراً سلبيّاً على الكتاب ، فهو واهم .. لقد ثبت لدى الجميع إن متعة القراءة الورقية لا تعادلها متعة ، ومن رأى الإقبال الشديد على معرض الرواية الأول الذي أقامتها دار الإرشاد للنشر بحمص ، قد وضحت له الصورة ، وثبت أن القارئ السوري موجود ، لكن إمكانياته المادية ضعيفة ، فالعروض التي كانت موجودة في معرض الرواية جذبت القراء من كافة أنحاء محافظة حمص ، بل من المحافظات الأخرى .
أما الحلٍّ لإعادة القارئ إلى المكتبة ، فهو تخفيض الأسعار ، وتخفيف هامش الربح ، وهو حلٌّ مؤقت ..
-لمؤسسات الدولة دور فعّال في تنشيط حركة الكتاب ، فمنذ عقود قليلة كانت الدولة ممثلة بالمؤسسة العامة الاستهلاكية تمدّ دور النشر بالورق اللازم لطباعة الكتب بالسعر الرسمي ، فإن أردتَ أن تُطاع فاطلب المستطاع .
وأضاف الأديب الدكتور عبد الخالق كلاليب الصعوبات تتمثل بعائق واحد وكبير ، العائق الاقتصادي .
فدور النشر تواجه ضائقة مالية في الوقت الحالي بسبب الظروف العامة التي يواجهها بلدنا الصامد وبسبب الركود الاقتصادي العالمي الذي سببه وباء كورونا وأثر سلبياً على مناحي الحياة كافة في العالم أجمع وقد تأثر قطاع النشر كثيراً بهذا إن كان محلياً أم عربياً أم عالمياً ، (قلة مبيعات وتوقف المعارض الأدبية).
فالكاتب الذي لا يملك اسماً معروفاً أو (بيّاعاً) كما يقال ، لن يجد أي دار نشر تخاطر بأن تنشر له على حسابها ، ولا يتبقى له سوى النشر الذاتي (على حسابه) ومن يستطيع تحمل كلفة ذلك من الكتاب هم نادرون إن لم يكونوا معدومين .
وقد توجه الكتَّاب لبعض الدور العربية التي لا تطلب من الكاتب أن ينشر على حسابه ولا أن يساهم معها بكلفة النشر , صحيح أنها لا تعطي عائداً جيداً أو مجزياً مالياً ولكن على الأقل يجد الكاتب منفذاً للنشر ووضع اسمه على خارطة الأدب العربي ولو نسبياً من دون أن يتكلف مالياً ، وعلى فكرة .. فدور النشر هذه باتت قليلة والغالبية تطلب مساهمة الكاتب في كلفة ما يريد نشره .
أما التسويق فما زال الحلقة الأضعف في السلسلة الأدبية العربية فلا يوجد وكالات متخصصة للنشر والتوزيع كما في أوروبا واليابان مثلاً ، ودور النشر العربية تقوم بنفسها بمهمة التسويق والتوزيع وهي ليست ماهرة في ذلك أبداً ، عدا عن المعوّقات التي تواجه الكتاب العربي في توزيعه في البلدان العربية لأسباب لا علاقة لها بالأدب عادةً .
نحن في سورية نملك المبدعين والموهوبين ونملك دور نشر كثيرة وعريقة والحل بيد وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب واتحاد الكتّاب العرب بأن يتم دعم الثقافة والأدب والأدباء بزيادة النشر ، وإعطاء عوائد مجزية للكتّاب نظير مؤلفاتهم والتسويق العلمي والمكثف ، ودعم الترجمة إلى اللغات الأخرى كي يصل صوت أدبائنا الموهوبين والمبدعين (ولدينا منهم الكثير) إلى العالم كله ، لأن الأديب السوري متميّز جداً ، ويستحق أن يكون مقروءاً في العالم كله