ليس احتفالاً أو طقساً اعتيادياً ما نعيش ذكراه في هذا اليوم التاريخي الذي أرسى فيه القائد المؤسس حافظ الأسد نهجاً عربياً قومياً ووضع أسس التنمية على الصعد كافة “السياسية، الاقتصادية والاجتماعية ..” ولكنه خص الثقافة باهتمام كبير لإيمانه بأنها الحاجة العليا للبشرية.
ومن العام 1970 وفي اليوم الذي شكل علامة فارقة في تاريخ سورية “16 تشرين الثاني” كانت البداية لترسم مستقبل سورية الجديدة في تقدمها بالعلم والبناء والوحدة الوطنية والسير نحو المكانة التي تليق بأمجادها وحضارتها وعراقتها وإرثها القومي المبني على الوقوف إلى جانب القضايا الإنسانية العادلة.
واليوم ونحن نعيش أياماً عصيبة يحاول أعداء الإنسانية أن يثنوا من عزيمتنا في الصمود والتصدي لأعمالهم الإرهابية، نجد أنفسنا أمام نهج يتجدد في كل يوم، نقرؤه بإمعان، فيعيد إلى ذاكرتنا تاريخاً حافلاً بالكثير من المواقف البطولية والانتصارات التي شكلت فرقاً في مسيرة سورية النضالية، وهي في الآن نفسه تمنحنا مزيداً من الثقة والشجاعة بربان سفينتنا الماهر الذي نسير خلف قيادته الحكيمة لتجاوز المحن والصعوبات بوعي وإيمان بأن للباطل جولة ولكن لانتصاراتنا جولات وجولات.
فالمسؤولية كبيرة في مضمونها وتتطلب أن نكون أهلاً لها بالوعي والثقافة والمواطنة الحقيقية، وهذا مانشهده عبر تفعيل دور المراكز الثقافية التي كانت واحدة من صروح الحركة التصحيحية المباركة، نقطف ثمارها وتبلور مفاهيمنا في الحقول المعرفية كافة، وهي في الآن نفسه تسهم في تفكيك رموز قوى الشر والوقوف عند طرائق التخلص من طغيانهم بتوحيد كلمتنا وإيماننا بقضيتنا والعمل من أجل نهضة البلاد وعزتها.
ولايختلف اثنان أن حربنا مع العدو هي حرب ثقافية، مايتطلب السعي إلى استثمار هذه الصروح الشامخة من المؤسسات والمراكز الثقافية المتوزعة في أنحاء القطر جميعه لنشر الوعي وثقافة البناء والعمل، وتكريس مفهوم المواطنة والانتماء، واستهداف الشباب لأنهم عماد المستقبل وصناع المجد والحضارة.
في ذكرى التصحيح نقف أمام واقع جديد فرضته ظروف الحرب والحصار، نجدد العهد للمضي في الدفاع عن وحدة الوطن وإعادة الإعمار والبناء، متسلحين بالعزيمة والإصرار، والنصر قريب .. قريب.
رؤية- فاتن دعبول