مع فتح معابر التصدير باتجاه العراق تحركت الورش ومعامل الإنتاج ولاسيما الحلبية، وبدأت بتنفيذ طلبيات للسوق العراقية في وقت تخلو فيه السوق السورية من المادة الأولية لهذه المنتجات ولاسيما النسيجية بسبب احتكار الخيط وارتفاع سعره وشحه نتيجة قرارات لا تخدم الصناعة المحلية.
شجون الخيط في سورية كبيرة وكثيرة، فسعر الخيط تحدده التكاليف العالية لإنتاجه في معاملنا التي تتحمل عمالة فائضة وآلات قديمة وخطوط إنتاج متهالكة تستهلك الكثير من الطاقة والجهد ولذلك تلجأ مؤسسة النسيج لرفع سعر الخيط قرب نهاية كل عام بعد أن تكون قد أنتجت كميات جيدة من الأقمشة والألبسة وامتلأت مستودعاتها فترفع سعر الخيط وبالتالي ترتفع قيمة منتجاتها في المستودعات وهذا يرفع من ميزانياتها وهو الهدف الأساسي دون النظر إلى انعكاس ذلك على إنتاج الخاص وبالنهاية على المواطن، وعليه أصبح سعر الخيط المحلي أغلى من الخيط المستورد رغم تكاليف الشحن والرسوم وأرباح الموردين والمشكلة ليست في السعر فقط فهو أقل جودة بكثير نتيجة قدم الآلات وتهالك خطوط الإنتاج كما ذكرنا.
المنتجات المستوردة تخضع لمواصفة وتُسحب منها عينات وتُؤخذ إلى المخابر للتحليل، وبغض النظر عما يحصل في المخابر يجب أن تُؤخذ عينات من المواد المُصدرة من سورية لضمان حفاظها على مواصفة عند حدود معينة كي لا يكون التصدير لمرة واحدة بعد انكشاف سوء التصنيع وهو ما سيعمم على سمعة المُنتج السوري ويدفع لإغلاق تلك الأسواق في وجه البضاعة السورية والبحث عن أسواق أخرى وهنا الطامة الكبرى، تخسر صناعتنا أسواقها وتبقى تدور في فلك نفسها فتضيع كل الجهود والإعفاءات والتمويل في مطامع أشخاص الفرصة الواحدة التي جنت المال من الداخل السوري وخرجت تؤسس في دول الاغتراب.
الخطا معياري، فلا يجوز أن نحدد أسعار السوق بكاملها على حسابات مؤسسة عامة آلاتها متهالكة وعمالتها كبيرة ومردودها قليل بحكم العمر في قطاعات تحتاج لعضلات الشباب وبعض خبرات الجيل القديم في هذه المؤسسة، ويجب ألا تكون هذه المؤسسة معياراً لكل القطاع وحصتها في الأسواق تقل عن 5 % من حجم السوق.
ما سبق ليس نكراناً لدور هذه المؤسسات ولكن تعامل مع واقعها الذي وصلت إليه بسبب عوامل الزمن والحرب والعقوبات والحصار وفشل إدارات متعاقبة.
على الملأ- بقلم مدير التحرير-معد عيسى