في الدستور الأميركي فإن بايدن هو الرئيس الذي ما زال ينتخب، إلى أن يقر ترامب بهزيمته وتصدر النتائج النهائية، ويسلم السلطة في 20 يناير العام المقبل. وما عدا ذلك فهو كلام إعلامي يعتبر أن ترامب هزم وانتهى، وأن بايدن سيدخل بسلاسة إلى البيت الأبيض.
وحتى هذا الوقت علينا أن ننتظر حتى تعلن المحكمة كلمتها ويقر ترامب بالهزيمة، ويبدأ عهد بايدن وهو ثاني كاثوليكي بعد كينيدي.
لكن في حال انتهت النتائج بفوز بايدن فإن الأخير سيرث قضايا عديدة منها التسلح والمناخ والتحالفات والعلاقات الدولية والحروب الاقتصادية والأمنية والسياسية وكذلك التي تشنّها أميركا الوضع في سورية والعراق والملف النووي الإيراني وصفقة القرن.
لكن العارفين يدركون أن الدولة العميقة مستمرة باستراتيجياتها وتختار الشخص الذي يقوم بها حسب المراحل وبعد أن تم تقييم الأداء.
ورغم كلّ ما قيل ويقال من أوضاع أو حالات انقلابية ستشهدها أميركا مع تغيير رأس الدولة فإن هذا أمر لا يؤخذ به على إطلاقه، فالحقيقة تبدو خلاف ذلك، إذ إن هناك معايير وضوابط في النظام الأميركي تمنع تشكل الحالات الانقلابية الجذرية الحادة وتحول دون إحداث انقطاع مع الماضي.
سيخلف ترامب ملفات كبرى تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وتتطلب قرارات سواء من الرئيس الجديد أم من ترامب في حال بقائه لمعالجتها تصحيحاً أو ترميماً أو تغييراً، ومع الأخذ الحتمي بمبدأ استمرارية عمل الدولة فإنّ التغيير يحكم الأداء الأميركي لتلك الملفات بشكل متفاوت نظراً للتغيير الذي فرضته موازين القوى الجديدة.
ومن غير المتوقع أن تتخذ الإدارة الجديدة قراراً بالانسحاب السريع من سورية والعراق، لكنها بالتأكيد ستعمل على عدم إعلان هزيمة «الربيع العربي».
أما “صفقة القرن” فمن المرجح أن التجميد سيكون واقعاً رغم أن تردداته ستكون سلبية على الوضع الشخصي لنتنياهو ومحمد بن سلمان، حيث نرى أنّ مشروع بايدن لحلّ القضية الفلسطينية قائم على أساس الدولتين.
ومن الطبيعي أن الملف النووي الإيراني. سيشهد تحريكاً مهماً باتجاه إعادة النظر بموقع الولايات المتحدة فيه وستدخل إيران مع الأميركي والأطراف الأخرى في مفاوضات مقيّدة من أجل تطوير الاتفاق بعد أن تتراجع أميركا عن إجراءات ترامب الكيدية بحقها. ولا نتصوّر بأنّ أميركا ستعود إلى الاتفاق وكان القرار الترامبي لم يقع بل نرى حلاً وسطاً سيحكم الملف لتستفيد منه إيران.
وستكون اليمن في طليعة المستفيدين من مراجعة أميركا لسياستها حيث لا نتوقع أن تعطي الإدارة بتعاطيها الجديد وقتاً إضافياً للسعودية لحسم حرب اليمن، وهو حسم بات في حكم المستحيل، لذلك نعتقد أنّ حرب اليمن قد تشهد نهاية لها خلال العام المقبل وبشكل دراماتيكي على السعودية.
وعليه نستطيع أن نقول إنّ انفراجات مرجحة سيشهدها الوضع اليمني والإيراني، وتعقيدات أو مراوحة في الشأن السوري والعراقي والفلسطيني إنْ لم تحدث صدمة داخلية.
كل هذه الملفات ستستكمل في ظل عنوان جديد وهو أن «أميركا لم تعد القدر الذي لا يُردّ» والتي تفعل ما تشاء وتفرض ما تشاء.
من الآن وحتى يوم الحسم فإن الشعب الأميركي سيعيش حالة من القلق، كما قال مدير الـ CIA الذي لم يعد يدري ما قد يفعله ترامب خلال الـ 65 يوماً المتبقية. فهل يحضّر ترامب الأرعن لعدوان انتقامي؟
وإن غداً لناظره قريب
معاً على الطريق- د.عبد الحميد دشتي