الملحق الثقافي:
ألهم التصحيح الشعراء والكتاب والمفكرين العرب، وانسال الشعر بهياً نقياً، كأنه من ضوء الصبح يرتل ما أنجزته الحركة التصحيحية المباركة. هل نعدد الشعراء، وما أكثرهم، وأروع ما كتبوه للوطن ولقائد الوطن، للإنجازات التي وضعت سورية على سكة الفعل والعمل، وأعادت لها رونق العروبة، من هؤلاء الشعراء حامد حسن الذي يقول في ذكرى التصحيح:
وطنٌ درجتُ عليهِ منذُ المولدِ
أنا لا ألامُ إذا نذرتُ له غدي
وطنٌ وهبتُ لهُ وللأسدِ الذي
يحميهِ كلَّ غدي وما ملكت يدي
وطني عشقتك ثائراً متمرّداً
وأنا ابن ذاك الثائر المتمرّدِ
سلسلتُ حبَّكَ خمرةً وأدرتُها
للمترفِ الريّانِ والعطشِ الصدي
علّمتني الحبَّ الذي نادى بهِ
عيسى وكان شعارَ آلِ محمّدِ
لا شيءَ غير الحبِّ مكتوبٌ على
بابِ الكنيسةِ أو جدارِ المسجد
يا جمرة الحبِّ الوهيجةِ في دمي
لا تخمدي، لا تخمدي، لا تخمدي
تشرينُ حطّمَ عنجهيّةَ طامعٍ
فينا وذلّلَ كبرياءَ المعتدي
عوذوا بصانعهِ إذا الزمنُ اعتدى
وأنا الضمينُ بأنه لن يعتدي
وافيتُهُ عجِلاً يكادُ يطيرُ بي
لهفُ التقيِّ إلى عناقِ المعبدِ !
عمّدتُ شعري باللظى وغمستُهُ
بالطيبِ مسفوحاً وبالشفقِ الندي
وخضبتُهُ بدمِ الأصيلِ وعطرهِ
وعصرتُ ثغرَ المشرقِ المتوردِ
وسكبتُ من شهقاتِ عندلة الضحى
نغمي ومن صلواتِ كلِّ مغرّدِ
وحملتُهُ زلفى إلى «الأسد» الذي
أعطى ويعطي ألفَ تشرينَ الغدِ
ووقفتُ أسخرُ من يدي وجنونها
كيفَ اشرأبت لاقتطافِ الفرقدِ
والنجمُ أبعدُ ما يكونُ إذا رأت
بعض العيونِ خياله في المرصدِ
الليلُ يا لبنانُ طال ولم ينِرْ
فهلِ العذابُ عذابُ شعبِكَ سرمدي؟!
شاؤوكَ منقسمَ النوازعِ والهوى
والشامُ لا ترضاكَ غير موحّدِ
يتوعّدون!! وكبرياؤكِ لم يزل
يا شامُ ساخرةً من المتوعّدِ
في الساحِ ملءُ الساح جيش عقيدةٍ
من كلِّ متّقدِ العزيمةِ أصيدِ
ألغارُ معقودٌ على قسماتهم
وعلى مفارقِ غيرهم لم يعقدِ
ولهم مع النصر المؤزّرِ موعدٌ
ولهم – إذا رغبوا – استباقُ الموعدِ
لم تنطفئْ جمراتُ موقدِ حاقدٍ
بل ظلَّ ينفخُ في رمادِ الموقدِ
ومن الطبيعةِ أن تقومَ عداوةٌ
بينَ الصباحِ، وبين عينِ الأرمدِ!
ألشعرُ دفّاقُ البيانِ كأنّما
جمعوا ليوم عكاظ يوم المربدِ
وعلى الرفارفِ والأرائكِ بدعةٌ
منهنَّ تتشحُ الصباحَ وترتدي
تهتزُّ من شعري وأيُّ خميلةٍ
نزل الربيعُ بها ولم تتأوّدِ
أخصبنَ جفني بالرؤى وجعلنَ لي
من ناعسِ الأجفانِ حظَّ المرودِ !
يغفو على دفء الأناملِ غارقاً
بالعطرِ، أو متمرّغاً بالإثمدِ
والشعرُ دربُ الحبِّ لكن بابُهُ
للرزقِ أضيقُ من عيونِ الحسَّدِ
يا عابرَ الدنيا ولم يدنس كما
عبرَ اليقينُ على ضميرِ الملحدِ
يا أيّها الصوفيُّ يحسب نفسهُ
لم يتحدْ بالله ما لم يزهدِ
شعري وجيّدهُ إليك وأنت في
علياءِ قدرك فوق فوق الجيّدِ
لك في المشاعرِ ألف ألف قصيدةٍ
سكرت بها الدنيا وإن لم تنشدِ
سجدت لك الدنيا على غلوائها
والدهرُ والتاريخُ بين السجَّدِ
التاريخ: الثلاثاء17-11-2020
رقم العدد :2021