الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يرفض الرئيس الحالي الاعتراف بالهزيمة الانتخابية، حيث قام دونالد ترامب بتعبئة القيادة المدنية في البنتاغون والوكالات الاستخباراتية بالموالين السياسيين الذين يوصفون بأنهم “جنوده المشاة”، وموجة التغييرات والتعيينات في المناصب التي قام بها ترامب هي من القوات الخاصة والجنرالات السابقين الذين قال أحد المطلعين في البنتاغون عنهم: “هؤلاء هم الأشخاص الذين يدخلون ويفعلون ما يعتقدون أنه مطلوب لتحقيق أجندة ترامب.. إنهم جنود حقيقيون في الحرب على الحكومة، الحرب على ما يسميه ترامب “الدولة العميقة”.
لقد أذهل التغيير في جهاز المخابرات العسكرية المراقبين بجرأته، هناك تكهنات بأن ترامب سيقيل في المرة القادمة الجنرال الأعلى في البنتاغون مارك ميلي، ورئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي ومديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبل، ليحل محلهما “المؤمنون الحقيقيون” بمشروعه “اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”. هناك شعور حاد بأن ترامب المصاب بجنون العظمة يسعى لتحقيق ذلك بالفعل.
جاء الإنكار الجريء المذهل للواقع هذا الأسبوع من وزير الخارجية مايك بومبيو الذي أخبر المراسلين المتشككين أنه سيكون هناك “انتقال سلس” إلى إدارة ثانية لترامب.
ويرفض معظم المشرعين الجمهوريين في الكابيتول هيل الاعتراف علناً بفوز الديموقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية – على الرغم من حصوله على تقدم حاسم بأكثر من خمسة ملايين صوت على ترامب وكذلك في أصوات الهيئة الانتخابية المهمة للغاية، ويقوم المدعي العام المعين من قبل ترامب، ويليام بار بتسييس وزارة العدل بوقاحة من خلال تأييد دعوات ترامب لإجراء تحقيقات ودعاوى قضائية بشأن مزاعم تزوير التصويت وغيرها من المخالفات المزعومة. هناك أدلة لا تذكر لدعم هذه المزاعم، والتي تم التخلي عن العديد منها بالفعل من قبل قضاة الولاية باعتبارها تافهة، لكن بار يعطي سلطة مفرطة لدعم ما يرقى إلى الثرثرة من خاسر مؤلم.
أفاد مسؤولو الانتخابات في بعض الولايات من الجمهوريين والديمقراطيين بالإجماع بعدم وجود تزوير أو مخالفات انتخابية كبيرة. من جهة أخرى أكد المفوض الجمهوري في فيلادلفيا آل شميدت بولاية بنسلفانيا المتأرجحة الرئيسية التي فاز بها بايدن، عدم وجود مخالفات في التصويت، فاستنكره ترامب ووصفه بأنه “خائن”، كما يدعي شميدت أنه تلقى تهديدات بالقتل فيما بعد.
والغريب أيضاً أن ترامب والجمهوريين في الكونغرس لا يشكون من التزوير في الاقتراع الذي جرى في مجلسي النواب والشيوخ، لجهة الفوز بالمقاعد أو الاحتفاظ بها، على الرغم من أن هذه الأصوات تم الإدلاء بها في نفس عملية التصويت الرئاسي، كيف يمكن أن يكون عنصر واحد في ورقة الاقتراع عرضة للتزوير، ولكن العناصر التي تناسب الجمهوريين ليست كذلك؟.
إنها ازدواجية تخدم الذات، وما يراهن عليه فريق ترامب هو عدم كسب التقاضي بشأن نتائج الانتخابات. ليست هناك فرصة لأن يقلب الرئيس الأغلبية الكبيرة التي فاز بها بايدن في الولايات المتأرجحة الرئيسية.
يبدو أن خطة ترامب هي التشكيك في شرعية الانتخابات ونفاد الساعة حتى لا تصدق المجالس التشريعية الجمهورية في ولايات مثل بنسلفانيا وجورجيا وويسكونسن وميشيجان وأريزونا على أن بايدن هو الفائز في التصويت الشعبي، علاوة على ذلك هناك نقاش مفاده أن المجالس التشريعية الجمهورية في هذه الولايات ستعين ناخبين في الهيئة الانتخابية الذين سيرشحون ترامب كفائز، في تحد للتصويت الشعبي.
تنعقد الهيئة الانتخابية في 14 كانون الأول عندما يتم التصويت على من سيكون الرئيس المقبل، وتقول التقاليد والسوابق إن ناخبي الولاية يحترمون التصويت الشعبي، لكن هذه الانتخابات غير مسبوقة.
من غير المعقول أن يستمر ترامب في الإصرار على سرقة الانتخابات منه من خلال الاستشهاد بمزاعم لا أساس لها من الاحتيال. بالنسبة للعديد من ناخبيه البالغ عددهم 72 مليوناً، هناك قناعة مشتركة (وهم) بأن الانتخابات كانت مزورة أو يؤكدون بشكل سخيف أن فيروس كورونا كان “سلاحاً”.
فاز بايدن بأكثر من 77 مليون صوت في الاقتراع الشعبي، وإذا ذهب ترامب لتحصين نفسه في البيت الأبيض مدعياً أنه الفائز الشرعي، فإن الولايات المتحدة تواجه سيناريو كابوس دستوري، حيث الاحتجاجات العنيفة واسعة الانتشار أمر وارد، إن لم تكن الحرب الأهلية.
لقد أعد قراصنة ترامب بالفعل الرواية الدعائية القائلة بأن أي احتجاجات ضد ترامب هي من عمل “مخربي أنتيفا” و”الإرهابيين الماركسيين”، وقد رأينا هذه الرواية الغريبة يتم تداولها خلال الأشهر الأخيرة من الاحتجاجات الضخمة المشروعة ضد عمليات القتل العنصرية التي تقوم بها الشرطة مع تفاقم التوترات في الفترة التي تسبق موعد التنصيب الرئاسي في 2 كانون الثاني، وإن ما سيعلنه ترامب وكوادره هو حالة الطوارئ والأحكام العرفية “لحماية الأمة” من اليساريين و “الدولة العميقة” و”الثورة الملونة” ضد رئيس منتخب ديمقراطياً”، هذه هي أهمية التغيير في البنتاغون وجهاز المخابرات هذا الأسبوع، ويقوم ترامب بوضع هذا النوع من النشطاء الفاشيين لتنفيذ انقلابه.
ومن المفارقات أن ترامب يدعي أنه كان هدفاً لقوى انقلابية من الدولة العميقة بعد فوزه في انتخابات 2016 على “مخلوق المستنقع” هيلاري كلينتون، لكي نكون منصفين مع ترامب، كانت هذه الجهود لإسقاطه حقيقة بما فيه الكفاية، حيث تركزت على مزاعم “تواطؤ روسيا” التي لا أساس لها والتي عرقلت رئاسته بأكملها، ومع ذلك فشلت محاولة الانقلاب تلك، لكن الآن هناك استيلاء آخر على السلطة، هذه المرة دبره ترامب نفسه ورفاقه.
يشعر بايدن وحزبه الديمقراطي بالرضا الخجول عن الاستيلاء الدراماتيكي والجريء على السلطة الذي يمارسه ترامب. سعى بايدن هذا الأسبوع إلى أن يبدو هادئاً، قائلاً إن رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة هو أمرٌ “محرج”، ويبدو أن جو بايدن حقاً في غفلة من أمره إذا لم يدرك أن هناك انقلاباً يحدث في البيت الأبيض.
علامة أخرى على الرضا عن النفس كانت من صحيفة نيويورك تايمز التي عنوانها “ترامب يكدس البنتاغون ووكالات إنتل من الموالين”.
كيف ستكون النهاية؟’ قالت صحيفة نيويورك تايمز رداً على هذا السؤال ” وهي تكهنات أن ترامب كان يخطط لمغامرة خارجية، ربما هجوم عسكري على إيران أو انسحاب سريع للقوات من أفغانستان، إن مغامرات ترامب ليست في الخارج فقط، بل هي في الداخل أيضاً، الأمر كله يتعلق بالقضاء على الدستور الأميركي وتنصيب نفسه لولاية ثانية بغض النظر عن التفويض الديمقراطي، باختصار إنها الدكتاتورية.
فينيان كننغهام
Strategic Culture