أكثر من 100 حريق في دمشق القديمة هذا العام و43% من الأسباب مجهولة… مخاطر مباشرة تتهدد النسيج الأثري والعمراني والمحتوى الثقافي والتاريخي للمدينة
الثورة أون لاين – تحقيق محمود ديبو:
تعرضت دمشق القديمة (داخل السور) هذا العام، وفي عدد من أحيائها إلى عشرات الحرائق تجاوزت المئة، وكانت الخسائر كبيرة جداً بالنظر إلى جملة من العوامل المساعدة التي ساهمت بانطلاق شرارة الحريق بداية، ومن ثم انتشاره وصعوبة السيطرة عليه، وكما هو معلوم فإن دمشق القديمة تزخر بالعديد من البيوت والمباني الأثرية والتاريخية والأسواق والحمامات والخانات التي تعود لعصور سابقة، وهي لا تزال شاهدة على عراقة بلادنا وتنوع حضاراتها وتعاقبها، الأمر الذي يعني أن خطر الحريق ليس في الخسائر المادية بقدر ما هو خسارة معنوية كبيرة تمس الهوية والثقافة المتجذرة في هذه المدينة القديمة، ما يستدعي السعي بشكل جدي وحثيث من قبل مختلف الجهات للمحافظة على هذا الإرث، وإيجاد حلول لتلافي وقوع الحرائق.
وفي هذا تشير أرقام فوج إطفاء دمشق إن عدد الحرائق التي حدثت منذ بداية العام الحالي لغاية تشرين الثاني الجاري في دمشق القديمة بلغ (101) حريق، تتنوع بين حرائق مطاعم ومنازل ومحلات تجارية ومستودعات وفنادق ومحطة وقود، كما تختلف أسبابها ما بين حرائق عادية وحرائق كهرباء وأعشاب وقمامة.
عوامل مساعدة للحريق:
وفي هذا يوضح العميد الركن المجاز داؤد نصر عميري قائد فوج إطفاء دمشق جملة الصعوبات التي يواجهها رجال الإطفاء خلال عمليات إطفاء الحرائق في دمشق القديمة، والتي أهمها طبيعة المواد المستخدمة في بناء البيوت كالأخشاب واللبن والورق والمواد القابلة للاشتعال، وتلاصقها ببعضها البعض وتشابكها وتداخلها دون ترك فواصل وعوازل، وكذلك صعوبة الوصول للأبنية المذكورة أثناء الحوادث بسبب ضيق الشوارع والحارات المؤدية إليها، وعدم وجود مصادر مياه غير فوهات الحريق التي في بعض الأحيان لا تساعد بسبب عدم تزويدها بالمياه أثناء فترات التقنين، وضعف الضغط بها بسبب اتصال الفوهات بالشبكة الرئيسية للمياه المغذية للمناطق والمنازل والحارات، وجميع أنواع هذه الفوهات أرضية نجدها أحياناً مغطاة بالزفت والبلاط وبعض الاشغالات المختلفة وعوائق أخرى كوقوف الآليات فوقها مثلاً.
81 فوهة حريق:
مع العلم أن عدد فوهات المياه بمدينة دمشق كاملة يصل إلى حوالي 500 فوهة، من ضمنها فوهات دمشق القديمة البالغ عددها 81 فوهة حريق حسب عناوينها ومواقعها، ويقوم فوج الإطفاء بإجراء الصيانة الدورية لها من خلال الكشف عليها وتجربتها بالتنسيق المشترك مع مؤسسة مياه الفيجة.
تحديات:
لكن لا تزال التحديات قائمة والمتمثلة بصعوبة دخول الآليات وسيارات الإطفاء إلى داخل أحياء دمشق القديمة بسبب حجمها الكبير، وضيق الشوارع والأزقة، وعدم تمكن الآليات الهندسية الكبيرة من الدخول والمساعدة والمشاركة في عمليات عزل الحريق، إلى جانب عدم توفر آليات صغيرة تتناسب مع حجم الحارات الضيقة والشوارع داخل المدينة القديمة.
مقترحات ضرورية:
وحول المقترحات اللازمة لمعالجة هذا الواقع رأى قائد فوج إطفاء دمشق ضرورة في تمديد خطوط مياه جافة لجميع الحارات والأزقة الضيقة التي يصعب وصول الآليات حتى الصغيرة إليها، وتركيب فوهات جدارية ضمن صندوق مغلق متصلة بها لتلافي الملاحظات السابقة، وتأمين مصدر مياه مغذ لها إضافة لشبكات المياه الرئيسية من الآبار المحيطة بدمشق القديمة، وتأمين آليات صغيرة الحجم قادرة على الدخول عبر الحارات والأزقة والشوارع الضيقة، إلى ذلك ضرورة تفعيل دور المجتمع الأهلي والعمل على زيادة الوعي على المستوى الوطني بما يخص ثقافة الحريق.
شر لا بد منه:
وبين عميري أن مثل هذه الحرائق التي تحدث في دمشق القديمة يتم التعامل معها مباشرة بالمياه نظراً لطبيعة المواد المشتعلة والتي أغلبها من الخشب واللبن، الأمر الذي لا يمكن معه استخدام البودرة أو أنواع أخرى في الإطفاء لأنها تحتاج إلى تبريد للتأكد من عدم معاودة اشتعالها، لذلك قد يضطر رجال الإطفاء إلى حفر الجدران والأسطح لإيصال المياه إلى الأجزاء المحترقة داخل الجدران، وهنا تكمن الخسارة في أن مثل هذه الأبنية ستتهدم وسيصيبها الأذى مرتين الأولى عندما تتعرض للحريق والثانية عندما يتم إحداث حفر في أسطحها وجدرانها لإطفاء الحريق، وهذا يساهم في التأثير على الهوية الأثرية والتاريخية لها.
الحد من حدوث الحرائق:
المهندس عبد الناصر عمايري رئيس لجنة التراث بنقابة المهندسين فرع محافظة دمشق قال: إن المشكلة هنا تكمن دائماً في البحث عن أفضل أسلوب وطريقة لإطفاء الحرائق، لكننا لم نسأل كيف نحد من إمكانية حدوث تلك الحرائق، وقد وجدنا أن دمشق القديمة هذا شكلها وواقعها (شوارع ضيقة، ومواد بناء تقليدية هشة وسريعة الاشتعال..)، واللافت أن أغلب الحرائق تتعلق بسوء استخدام الشاغلين وقيام البعض منهم بتخزين مواد قابلة للاشتعال مع العلم أن الرخص الممنوحة لا تتضمن هذه المواد، ما يعني أن هناك غياب للرقابة وهذا أمر يجب أن نعترف به، كذلك ما زلنا نطبق أنظمة قديمة في عمليات الإطفاء، وهذا ما لا يتناسب مع طبيعة دمشق القديمة، وقد ناقشنا هذا الأمر مع المعنيين وهناك جملة من المقترحات تقدمت بها لجنة التراث في النقابة تشتمل على إجراءات ضرورية يجب أن تتخذ للحد من وقوع كوارث الحرائق في المدينة القديمة منها الإعداد لبرنامج توعية شامل يعنى بطرق الوقاية والتصدي والترميم لكارثة الحريق، وإجراء الصيانة الدورية لمصادر التغذية بالمياه وفوهات الإطفاء، ووضع خزانات مياه مخصصة للطوارئ وتأمين سهولة الوصول إليها واستخدامها، وتنفيذ شبكة الخط الجاف لجميع الحارات والأزقة الضيقة والمباني الطابقية، وتجهيز مراكز لجان الأحياء بمعدات التدخل السريع والأولي للإطفاء والإسعاف وتدريب غرضي موجه للجان الأحياء في مجالات التنسيق والتتبع، والآخذ بعين الاعتبار الخصائص الإنشائية والمقاربة للأبنية وطبيعتها الأثرية عند إطفائها، واستخدام المواد المؤخرة للاشتعال / دهان – بخ – رغوة – تفاصيل معمارية … ألخ /.
استخدام بيئة 3D GIS
وصيانة وتأهيل دوري للمباني وحمايتها ضد المخاطر وخاصة المهجورة منها، ودراسة الطرق المثلى لمرحلة ما بعد الحريق، وتطوير آليات ومعدات الاقتحام والإطفاء بسبب طبيعة النسيج الأثري، والتأكيد على تركيب شبكات الإنذار والإطفاء في المباني وعدم منح التراخيص دون التأكد من فعاليتها سواء من المدينة القديمة أو النقابة، وتطوير قاعدة بيانات المدينة القديمة في بيئة 3D GIS والبدء بعمل جرد وتوثيق للمباني كافة تشمل جميع الخصائص الفنية والإنشائية والتفاصيل التي تساعد على إدارة المخاطر.
استخدام التطبيقات الذكية:
إضافة لذلك لفت عمايري إلى ضرورة تطوير التطبيقات الذكية في تنفيذ خطط التتبع والإشراف، والتأكيد على الالتزام بالتراخيص الممنوحة لتخزين المواد وبيعها والتأكيد على عدم منح أي تراخيص لبيع مواد خطرة ومحظورة في المدينة القديمة، وتقييم الوظيفة العمرانية على مستوى أحياء المدينة ومستوى الحالة التشغيلية للمرافق والخدمات، ووضع دراسة قانونية لإعادة البناء في حالات ما بعد الحريق أو الكوارث، ووضع مخطط توجيه حركي في حالة الطوارئ على مستوى المباني والأحياء يحدد مخارج النجاة أسوة بباقي المسارات على أن يكون مضاء ليلاً.
حماية النسيج الأثري والمحتوى الثقافي:
المهندسة مرام دياب عضو لجنة التراث في نقابة المهندسين فرع محافظة دمشق ترى أن المباني التاريخية والمناطق الأثرية هي من أكثر الأماكن المعرضة لخطر الحرائق، ويجب الانتباه والعمل بشكل دقيق ومفصل لحماية النسيج الأثري والمحتوى الثقافي والتاريخي للمدينة القديمة والشرائح الأثرية والتاريخية سواء أكانت مسجلة أو غير مسجلة، ذلك أنه في حال وقوع حرائق فإن الخسائر لا تقتصر على الممتلكات الشخصية للأفراد، وإنما تتعداها لتدمير البنية التحتية في المنطقة نظراً لاهترائها وقدمها، إضافة لخسائر في أصالة النسيج الأثري للمدينة والتأثير بشكل عام على الاقتصاد المحلي كون الجزء الأكبر هو لفعاليات تجارية ومستودعات، ورغم انخفاض نسبة الوفيات والخسائر البشرية في مثل هكذا حالات، لكن يبقى الخطر قائماً بالنسبة للشاغلين إضافة للخطر الأكبر على رجال الإطفاء والدفاع المدني.
ماس كهربائي:
وتشير المهندسة مرام إلى جملة من الأسباب التي تقف وراء حدوث الحرائق في المدينة القديمة وأولها الشبكة الكهربائية التي تعتبر المتهم الأول بالنظر إلى قدم تمديدات الشبكة وتلف أجزاء منها، إلى جانب ذلك تساهم مواد البناء والنسيج العمراني للمدينة القديمة بامتداد الحرائق بسبب طبيعة المواد المستخدمة (الطين واللبن والخشب)، كما أن المباني تكون متلاصقة، والشوارع ضيقة وقلة ارتفاع الأسقف والسبطات التي تؤخر وصول أي آلية إلى مكان الحريق في حال حدوثه.
تخزين مواد قابلة للاشتعال:
كذلك فإن الإشغالات والاستعمالات هي من مسببات الحرائق في المدينة القديمة حيث يعتبر وجود مستودعات للمواد سريعة الاشتعال والقابلة للانفجار من أكثر الأسباب خطورة، ولا يمكن إهمال الأسباب العامة خاصة ضمن البيوت السكنية من وسائل التدفئة، واسطوانات الغاز في المطابخ، إلى جانب التدخين أيضاً، وهناك أيضاً الحرائق المفتعلة التي يقوم بها البعض بهدف إعادة بناء أو إخفاء مشاكل أخرى خاصة في المحال التجارية.
إهمال:
ومن الأسباب التي تساهم في اندلاع وانتشار الحرائق في المدينة القديمة نجد أن أعمال البناء والترميم التي تنفذ والتي تكون مخالفة للتراخيص أو غير الحاصلة على ترخيص أصلاً هي سبب في زيادة احتمال حصول الحرائق نتيجة استخدام الأعمال المسببة للحرائق (اللحام ..) وتخزين مواد سريعة الاشتعال (الدهانات مثلاً) وعدم ترحيل نواتج العمل بشكل صحيح.
عدم جاهزية شبكة الإطفاء:
ويضاف إلى كل هذه الأسباب بحسب المهندسة مرام مشكلة عدم فعالية شبكة الإطفاء المنفذة في المدينة القديمة بسبب عدم جاهزيتها في جميع الأوقات وانقطاع المياه وعدم وجود خزانات داعمة.
في قفص الاتهام :
وتشير الأرقام إلى أن أسباب الحرائق التي وقعت خلال الفترة 2014 – 2020 كانت 34% بسبب ماس كهربائي، و11% منها بسبب اسطوانات غاز ومواد شديدة الاشتعال، و20% منها لأسباب مجهولة، وكذلك 23% أيضاً لأسباب غير محددة، ما يعني أن هناك نسبة 43% من الأسباب غير محددة ومجهولة كانت وراء حدوث حرائق خلال السنوات الست الماضيات، طبعاً هناك عوامل أخرى مثل القمامة والردميات التي نسبتها 6%، والأعمال الساخنة في ورشات العمل كذلك نسبتها 6%.
تأمين مستلزمات رجال الإطفاء:
ودعت دياب إلى ضرورة تأمين مستلزمات الحماية الشخصية لفرق الإطفاء وتزويدهم بالمعدات الأساسية التي تضمن سلامتهم وقدرتهم على تنفيذ عملهم حسب طبيعة المهمة والحريق ودرجة خطورته والمواد المحترقة، والعمل على تحليل المخاطر الكامنة في كل مبنى وإيجاد الحلول المناسبة لحماية المباني الأثرية دون التسبب في ضرر إضافي خلال عملية الإطفاء.
استمارة خاصة بكل مبنى:
مؤكدة على ضرورة البدء بجرد مستعجل للمعلومات عن خصائص كل مبنى وموجوداته والطرق الأمثل للوصل إليها في حالات الحريق، وإعداد استمارة بهذا الخصوص تكون قابلة للتعديل تتضمن احتياجات فرق الإطفاء والدفاع المدني بما يحقق حلول التدخل السريع وتقليل الخطورة واختيار نظام الإطفاء الأمثل، والاستفادة من هذه الاستمارة ضمن المخططات الفنية وأعمال التطوير والمتابعة، وتدريب فرق إنقاذ من المجتمع الأهلي على أعمال الاسعاف والإخلاء وتقديم المساعدة والتدخل لحين وصول الإطفاء، مع اعتماد أحكام السلامة العامة من الحرائق، والتي تستدعي تحديث الأنظمة وكودات العمل وفقاً لمعايير السلامة وتحديث الصلاحيات القانونية المتاحة لفرض تحسينات في اشتراطات السلامة من الحرائق في المباني الأثرية، وإلزام المتقدمين للرخص الجديدة باتباع وسائل الحماية ضمن المبنى للكشف المبكر عن الحريق، وإدخال المواد المحسنة والمقاومة للحريق، والمراقبة الدائمة لشبكات الإطفاء ومخزون المياه وجاهزيتها وتحديد شروط العمل ضمن النسيج الأثري والالتزام به.
مسؤولية الشاغلين:
ولفتت دياب إلى أهمية تعزيز مفهوم الوقاية المبكرة من الحرائق خاصة ضمن النسيج الأثري، وإقناع المالكين والشاغلين وأصحاب العمل في المدينة القديمة بتحسين أحكام السلامة من الحرائق داخل مبانيهم (أنظمة إنذار مبكر)، وإزالة المستودعات التي تحوي مواد سريعة الاشتعال، والحد من المواد القابلة للانفجار خاصة ضمن المطاعم والفنادق والفعاليات المختلفة والإبلاغ عن مكان وجودها في حال حدوث حريق، والمراقبة المستمرة وصيانة التمديدات الكهربائية، ودراسة الأحمال الكهربائية ضمن المبنى وتجنب إحداث أحمال زائدة على منافذ الكهرباء.
مقترح لإدارة المخاطر في دمشق القديمة:
الدكتورة المهندسة عبير عرقاوي نائب عميد كلية الهندسة المعمارية للشؤون العلمية بجامعة دمشق تحدثت عن دراسة أعدت كمقترح أنجزته كلية الهندسة المعمارية بالتعاون مع نقابة المهندسين والمعهد العالي للتخطيط الإقليمي ومديرية دمشق القديمة ومديرية آثار دمشق، تهدف إلى وضع حلول ومقترحات لإدارة المخاطر كجزء من خطة إدارة متكاملة لموقع مدينة دمشق القديمة، تم فيها تحديد الأهداف الرئيسية لإدارة موقع المدينة القديمة، وذلك بغرض المحافظة على البيئة الاجتماعية والفيزيائية والثقافية والروحية والاقتصادية للمدينة وشرائحها التاريخية، وأما الهدف المباشر من الدراسة هو المشاركة في العمل على رفع مواقع التراث العالمي في سورية من لائحة الخطر ورفع مدينة دمشق القديمة من قائمة التراث المهدد بالخطر، وذلك من خلال وضع خطة وطنية تشارك فيها جميع الوزارات والهيئات والجهات المعنية للعمل على تحقيق هذا الهدف، وتقديم مخطط يبين أولويات التدخل العاجل، وتقديم دراسة لمخطط إدارة الكوارث والمخاطر والعمل على تنفيذه من خلال تحديد عوامل الخطر وتحديد المناطق الحرجة وتطوير إجراءات السلامة.
تدعيم الأبنية الأثرية:
والمباشرة بإجراءات تدعيم الأبنية الأثرية والتاريخية الخطرة، وتقديم مخططات في أماكن ثابتة للتعريف بالموقع في أماكن متعددة في المدينة تتيح للجميع التعريف بالمدينة ومبانيها، والتأهيل الضروري للبنية التحتية حسب برنامج زمني، ودراسة وتقييم فاعلية منطقة الحماية حسب الوضع الحالي والعمل على إصدار معايير الحفاظ الخاصة بها، والبدء بعمل مسوحات توضح واقع المجتمع المحلي وحاجاته وتوقعاته، واستكمال تقديم الخدمات العامة من إدارة النفايات الصلبة ومراقبة نظافة المدينة وخصوصاً حرم النهر، وتأمين المواد التقليدية اللازمة للبناء والترميم، وتشكيل لجنة عامة مؤقتة من ممثلي القطاعين العام والخاص مهمتها التنسيق وأخذ القرارات اللازمة في مرحلة الدراسة والتخطيط والتنفيذ والمراقبة والتقييم.
إشكالات مرورية وكثافة تجارية:
وتشير معطيات الدراسة إلى أنه يوجد في دمشق القديمة مناطق تعاني من إشكالات إنشائية واختناقات مرورية ونقص في مستلزمات الطوارئ وأماكن تلوث الهواء، إلى جانب مناطق يوجد فيها كثافة تجارية وسياحية عالية، وأخرى فيها العديد من العقارات المهجورة، ومع بدء الحرب العدوانية على سورية تعرضت دمشق القديمة إلى الكثير من المخاطر ومنها سقوط قذائف الغدر على عدد من أحياء المدينة في باب توما والقيمرية وباب السلام، وتضررت اللوحة الفسيفسائية التي تزين الواجهة الخارجية للجامع الأموي، كما شهدت حرائق كبيرة منها الحريق الذي أصاب 83 محلاً تجارياً في سوق العصرونية عام 2016، وحريق السروجية وحريق سوق الحميدية في نفس العام، وفي تموز من العام 2017 وقع حريق باب الجابية، وبعد شهرين حدث حريق المناخلية ولحقه حريق شارع الملك فيصل (المدخل الغربي) حيث اندلع حريق في المحلات التجارية الواقع على الاتجاه الجنوبي من الشارع بين المدخل الشمالي لسوق السروجية والمدخل الغربي لسوق المناخلية وتسبب بأذى كبير في محلين تجاريين وأضرار أقل في 4 محلات أخرى، وبعده بيومين جاء حريق سوق الهال الذي أدى إلى تدمير كامل لبعض المحلات التجارية، وحريق العمارة في تشرين الأول من نفس العام، وحريق مئذنة الشحم بعد عشرة أيام وحريق العمارة البرانية في تشرين الثاني من 2017، وفي حزيران من العام 2018 وقع حريق في أحد المستودعات المخصصة لتخزين مادة الطلاء في منطقة العمارة وامتد للمحلات والمنازل المجاورة بفعل الرياح، وفي العام 2019 وقع حريق في حي العمارة وحريقان آخران في المنازل السكنية بمنطقة القنوات خارج أسوار المدينة القديمة، وكان قد حدث انهيار بجزء من سور المدينة القديمة في شباط من العام 2019، في المنطقة الواقعة ما بين باب السلام وباب توما وذلك بسبب قلة الصيانة والترميم، وشبكة الصرف الصحي ونقص الأموال لترميم السور.
لمواجهة خطر الحرائق..
الحلول المقترحة للحماية من الحرائق أن يتم تطوير خطة استعداد للتعامل مع كارثة الحرائق وتحديد الأماكن التي لا تصلها سيارات الإطفاء ولا تغطيها فوهات الحريق، وإضافة نظام خط جاف لإطفاء الحرائق التي لا تصل إليها سيارات الطوارئ والتعويض عن فوهات الحريق بحال انقطاع المياه، ووضع خزانات مخصصة للطوارئ ترتبط بمرشات مياه، وإنشاء شبكة إنذار عن الحرائق في المباني الأكثر أهمية والمباني التجارية والمستودعات، وتعزيز التعبئة المجتمعية وتأطيرها في التصدي للحرائق وفصل شبكة فوهات مياه الحرائق عن شبكة إمدادات المدينة.