الاستثمار في الطفولة المبكرة ليس امرا سهلا ولاعابرا للمهمات الصعبة وإنما يحتاج إلى وضع خطط عمل تنطلق من الواقع وآليات مستمرة في البحث والمتابعة وبرامج متجددة من ناحية تطوير الاستراتيجيات التي تسعى إلى تحسين الجودة وتكامل الخدمات المقدمة في مجال تنمية الطفولة المبكرة. والتي تبدأ منذ مرحلة الحمل ولمدة ثماني سنوات من العمر،فالألف الأولى اليوم من حياة الطفل تحتاج إلى رعاية واهتمام خاصين من جميع الأطراف الداعمة لقطف الثمار فيما بعد على صعيد ضمان المستقبل الآمن للمجتمعات.
ورشة العمل التي رعتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع منظمة اليونيسف وشبكة الآغا خان للتنمية في سورية ، والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان يومي ١٨و١٩ الحالي حول ضرورة الاستثمار في الطفولة المبكرة وأهمية الخطط الاستراتيجية المطلوبة لتحديد الصعوبات والمعوقات، سلطت الضوء على الكثير من القضايا المجتمعية التي تتكامل فيما بينها على جميع المستويات ،بحضور ممثلين عن جميع الجهات والمؤسسات والوزارات المعنية، حيث يحتاج العمل إلى نهج كلي وشامل للغوص في عالم الطفولة المبكرة.
الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان استعرضت ماتم العمل عليه في ملف الطفولة خلال السنوات السابقة بدءا من سوء معاملة الأطفال ومايرافقها من الاهمال والعنف مايترك أثرا سلبيا على بناء شخصية الطفل.. وأشار الدكتور أكرم القش رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان الى تأسيس سجل وطني لتسجيل حالات سوء معاملة الطفل،والقيام بحملات توعوية اجتماعية ،متعلقة بحقوق الطفل والذي هو قيد الصدور بعد استكمال كل مناقشاته وخطواته واجراءاته من قبل اللجان المختصة ،مع ملاحظة أن اتفاقية حقوق الطفل أصبحت في منهاج التعليم الأساسي وهذا امر ايجابي في هذا الجانب المعرفي .
وبين القش أهمية دليل الرعاية الأولية للطفولة المبكرة للعام ٢٠١٣،والاستراتيجية الوطنية المتكاملة للطفولة ٢٠١٤-٢٠٢٠ والتي عملت على أكثر من موضوع ،كمحور الدعم النفسي والاجتماعي ،والوصول إلى الأطفال الذين تم تجنيدهم واشراكهم في العمليات القتالية،أما وثيقة الرصد والابلاغ والإحالة للعام ٢٠١٧ هدفها مراجعة وتقويم تسع حالات منها كما ذكر ، تجنيد الأطفال في الأعمال القتالية ،والاعتداء الجنسي والجسدي وعمل الأطفال والاتجار بهم ،والتسول والتشرد.
الخبيرة الوطنية هديل الأسمر وعضو مجلس إدارة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان أكدت في عرضها لخطة الاستراتيجية لرعاية التنشئة للعام ٢٠٢٠-٢٠٣٠ على ضرورة معاملة الأطفال بعلمية ومنهجية ومراعاة خصوصيتهم ، موضحة آليات العمل الوطني عبر تشكيل لجنة وطنية مهمتها المساهمة في تحليل الوضع الراهن الذي تم توزيعه على الجهات المعنية كافة خاصة وأن الأهداف السبعة عشر تهتم بعالم الطفولة المبكرة،كخطة حماية.
وبينت الأسمر أن الهيئة السورية تمتلك وثيقة هامة حديثة ومحدثة يمكن الارتكاز عليها،حيث أوصت بضرورة الاهتمام بتطوير أهداف رياض الأطفال والتوسع فيها والتركيز على مرحلة ماقبل الروضة ،وإنشاء دور الرعاية للطفولة المبكرة،أو تدريب المتعلمين مع الأطفال،والاهتمام بمناهج الطفولة الحديثة مثل نهج “من طفل لطفل”،اضافة إلى تأسيس مفاهيم تعزز انتماء الطفل لوطنه وغيرها الكثير من النقاط الأخرى.
-الطابع العملي
غلب على برنامج الورشة الطابع العملي غير التقليدي من خلال مجموعات العمل السبعة التي يسرها وأشرف عليها فريق التنسيق والتدريب من شبكة الآغا خان للتنمية الداعم لنجاح الورشة والتي ركزت في مناقشاتها على أهمية الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة،والظروف الاجتماعية المؤثرة على الصحة والمبررات العلمية والاقتصادية والبيئية والنفسية من خلال التعرف على التجارب العلمية المطبقة على هذه الشريحة في العديد من الدول ، من خلال معرفة التطور المبكر للدماغ،ولماذا يعتبر مقدمو الرعاية من الأشخاص المهمين،وماهي الفترات الحساسة من حياة الطفل ،من حيث كثافة التشابكات لاستجابة الدماغ في السنوات الأولى مقارنة بمراحل لاحقة.
كما جرى عرض المبررات الاقتصادية للاستثمار في الطفولة من ناحية تأثير البيئة في حياة الأطفال،وعلم التخلق، وانواع الاستجابة للضغوط،وعلم المرونة.
فالمادة العلمية من خلال ماتم عرضه من فيديوهات واسقاط فحواها على واقع مناقشات الحاضرين وماتعمل عليه المؤسسات السورية مع المنظمات الدولية المعنية على انجازه في مجال الطفولة المبكرة من ناحية فهم آليات التعاطي من قبل الأهل والأسرة والمدرسة والمجتمع ،ومقدمي الرعاية الأولية ،مع التأكيد على تنمية الريف والأسرة الريفية،وتعزيز العمل التشاركي معهم لأنهم الأقدر على التكيف وإدارة شؤونهم في البيئة التي يعملون فيها.
وأكد المشاركون على وجوب تعزيز المبادرات المجتمعية لتنمية الطفولة المبكرة ،ولعل الأهم هنا هو دور الاعلام الذي يقوم على نشرالرسائل التوعوية على جميع
وعن أهمية الورشة والمشاريع التي تدعمها شبكة الآغا خان للتنمية في سورية ، أوضح الأستاذ محمد سيفو ممثل الشبكة في سورية أن إقامة الورشة تستهدف أصحاب القرار وصانعي السياسات في مجال الطفولة المبكرة من مختلف الجهات، لما لذلك من أهمية بالغة في تعميق مفاهيم تنمية الطفولة المبكرة،
وبين سيفو ان الشبكة باشرت عملها في سورية عام ٢٠٠٢ بهدف تحسين الظروف المعيشية للمواطنين والمشاركة في دعم آفاق التطوير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي،حيث أطلقت مبادراتها التنموية بالتنسيق المستمر مع الحكومة السورية ،وكافة الجهات المعنية بعملية التنمية ليشمل العمل معظم القطاعات،من الثقافة إلى التعليم،والصحة، والتنمية الريفية، والقروض الصغيرة،وتنمية الطفولة المبكرة ،والتنمية المجتمعية مستهدفة سكان الأرياف والمدن ومنتشرة في العديد من المحافظات.
وأضاف سيفو بأن قطاع التعليم يعتبر أحد أهم ركائز التنمية البشرية التي تعمل عليها برامج ووكالات الشبكة في أكثر من ٣٠ دولة حول العالم، وبالنسبة لسورية تضمنت نشاطات المؤسسة العديد من المبادرات التعليمية التي تبدأ من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مابعد مرحلة التعليم الجامعي.. ولإعطاء مجال الطفولة المبكرة الأهمية التي يستحقها أطلقت مؤسسة الآغا خان عام ٢٠٠٣ برنامجا خاصا بتنمية الطفولة المبكرة بالشراكة مع وزارة التربية بهدف توفير بيئة صحية ايجابية ومحفز للأطفال منذ ولادتهم وحتى الثامنة من عمرهم،لافتا أنه بدأ العمل منذ عدة سنوات مع الموجهين التربويين ومربي الرياض ومقدمي الرعاية والأولياء لرفع جودة الخدمات المقدمة في رياض الأطفال بكل من محافظات دمشق وريفها،حماة وطرطوس،وكذلك تدريب العاملين الصحيين على مفاهيم ومكونات رعاية وتنمية الطفولة المبكرة.
وذكر سيفو أن مؤسسة الآغا خان كان لها شرف المشاركة باللجنة الاشرافية الأولى لتحديث الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة في سورية المشكلة بقرار رئاسة مجلس الوزراء تاريخ ٨/٨/٢٠١١ والتي تضمنت في عضويتها ممثلين عن الجهات المعنية كافة .بتنسيق وتيسير من من قبل الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان التي أصدرت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة من ٢٠١٤-٢٠٢٠وتابعت مصفوفة التنفيذ. مؤكدا ان موعد انعقاد هذه الورشة هو انهاء مرحلة والبدء بمرحلة جديدة تتضمن خطة عمل متعددة القطاعات لتعزيز جوانب رعاية الأطفال وعائلاتهم ووضع الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكر ٢٠٢٠-٢٠٣٠ موضع التنفيذ.