الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
شكلت الدورة الخامسة والعشرون لمؤتمر الدول الأطراف في “اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، التي عقدت في جنيف بداية الأسبوع محطة مهمة لسورية لفضح سياسات منظومة العدوان عليها ومسرحياتها، ومحاولة تسييس عملها وكتابة تقارير المنظمة الدولية على مقاساتها، وتشكيل فرق التقصي والتحقيق من العناصر والخبراء المرتبطين باستخباراتها.
فمن يتابع دورها في التعامل مع الوضع في سورية وكيف يوظفه الإعلام الأميركي والغربي عموماً في خدمة المشروع الأميركي والصهيوني الغربي، لا يخالطه شك بأن هذا الإعلام يعتمد بشكل أساس على نهج غوبلز في تضليل الشعوب وتزييف الحقائق .. وكلنا يعلم كيف خدعت الإدارات الأميركية وإعلامها ومعها الحكومات الأوروبية الغربية وإعلامها شعوبها والعالم بشأن غزو العراق ثم احتلاله، ولا تزال في نهجها الغوبلزي في تزييف الحقائق حول الاحتلال والإرهاب الصهيوني في فلسطين والمنطقة العربية.
وهو يتواصل مع قضايا المنطقة ولاسيما ما يتعلق بالوضع في سورية، وخصوصاً التضليل الإعلامي حول ما أثير حول الأسلحة الكيميائية ومحاولته إلصاق التهم الكاذبة بالحكومة السورية ، وإخفاء الحقائق عن الرأي العام العالمي حول حقيقة من يستخدم هذه الأسلحة الفتاكة من الإرهابيين بحق المدنيين السوريين، ومن قام بتزويدهم بها من الأنظمة الغربية والنظام التركي، وكذلك حول وجود قوات الاحتلال والعدوان الأميركي في سورية.
لقد لعب التضليل الإعلامي الغربي دوراً كبيراً في السياسات الغريبة وتعاملها مع قضايا المنطقة، وكان لذلك نتائجه الكارثية، على شعوبها والعالم.
وتواصل الإدارات الأميركية سلوك هذا النهج في تطبيق ممارساتها الإعلامية تجاه قضايا المنطقة.
كما حصل في غزو العراق ثم احتلاله، وفي تصوير الديمقراطية الغربية لتخليص المنطقة من مشكلاتها السياسية والاقتصادية، وفي إخفاء جرائم الاحتلال والعدوان الصهيوني على فلسطين والمنطقة العربية وتسويق كيان العدو والتطبيع معه.
لقد تبين للراي العام العالمي أن التضليل الإعلامي الغربي اغتصاب للوعي عبر التزييف والعبث بالقيم الأخلاقية باعتباره الأداة الأساسية للهيمنة… وأن منظماته وخصوصاً منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية مسيسة في نهجها وقراءتها بشأن سورية تخدم السياسات الغربية والأميركية وليست حيادية وبعيدة كل البعد عن أهدافها المعلنة بجعل العالم آمناً من الأسلحة الكيميائية الفتاكة.. إذ تكيل بمكيالين وتنظر بمنظارين وبعين واحدة تخفي الحقائق وتختلق الأكاذيب التي تضلل شعوب المنطقة والعالم.
وإن حملات التصعيد والتشهير الإعلامية التي تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول الغرب عبر نشر الأكاذيب لتشويه صورة الدولة السورية وتضليل الرأي العام لن تؤثر في عزيمتها وإرادتها على المضي في تنفيذ التزاماتها.
لكن الأهم من هذا أن سورية وضعت النقاط على الحروف فيما يتعلق ببعثة تقصي الحقائق حول استخدام الأسلحة الكيميائية في أراضيها، وفضحت بالأدلة الموثقة تقارير البعثة التي لا تنم عن مهنية عالية ولا عن حرفية فنية، فرغم أن الدولة السورية وحكومتها ومؤسساتها استمرت بالتعاون مع البعثة وقدمت لها كل التسهيلات اللازمة لعملها، فإن الأخيرة لم تتقيد بأحكام الاتفاقية ووثيقة الشروط المرجعية لعملها.
فاستنتاجات خبراء البعثة الذين يعملون بتوجيهات السي آي إيه لم تكن في يوم من الأيام صحيحة، ولم تكن تقاريرها في جميع محطات عملها مهنية ولا ذات مصداقية، ولهذا السبب بينت سورية أمام المجتمعين في الدورة الحالية أنه بات من غير المقبول بعد الفضائح المهنية في تقارير بعثة التقصي حول سورية السكوت على استمرارها بالعمل وفقاً لتلك الطرائق الخاطئة، وخصوصاً في ظل تسييس أعمال منظمة حظر الأسلحة برمتها وخلق استقطابات داخل هذه المنظمة لاستخدامها منصة لتنفيذ أجندات خاصة منها تبرير العدوان على الأراضي السورية.
فكم زوّر خبراء البعثة المرتبطون بمنظومة العدوان الحقائق؟ وكم حاولوا فرض أمر واقع لتحويل فرضياتهم المزيفة إلى حقائق وتهم راسخة ضد سورية كي يشرعنوا عدوانهم على السوريين؟
فحكومات الدول الغربية والإدارات الأميركية مسؤولة بشكل مباشر، ولا يقبل التشكيك عن المعاناة التي يعيشها السوريون منذ نحو تسع سنوات، وذلك لانخراطها المباشر في الحرب الإرهابية والسياسية والاقتصادية والمالية على سورية، وهي تتشدق بالحديث عن القيم والمبادئ النبيلة والشعارات الإنسانية الرنانة في تعاملها مع القضايا المتعلقة بالوضع في سورية سواء ارتبطت بالشأن السياسي أم الإنساني أم الكيميائي.
في حين أنها لا تتوانى في تعاملها مع غيرها من الدول عن ارتكاب شتى أنواع الجرائم وتستمتع بمعاناة ضحاياها.
ما يبرز الهوة العميقة والانفصام في مواقف الدول الغربية التي دمرت العراق تحت ستار أكاذيب ثبت زيفها، والتي تشن منذ سنوات حملة تضليلية وتلفق الاتهامات بحق سورية.. في حين أنها هي ذاتها تقدم الرعاية والدعم العسكري والفني لتعزيز ترسانة الاحتلال الصهيوني من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية، وتتولى مهمة الدفاع عنها في المحافل الدولية لاستدامة انتهاكات الكيان الصهيوني للاتفاقات والصكوك الدولية ذات الصلة.