بين الواقعية والرمزية تأتي النصوص الأدبية للعديد من الأدباء والكتاب والمبدعين، والنصوص الذكية وحدها من يستطيع التقاط المفارقات بين هذين المنهجين.
نماذج المتلقين والقرّاء والنقّاد والباحثين لا يجدون صعوبة في التقاط العلاقات الإنسانية وخيبات الأمل فيها، والحب والهجر والفقد والكفاح وعجلة الحياة الطاحنة، يجدون أن مسرح حياتهم يتكرّر بمشهد درامي أو روائي أو شعري أو مسرحي لا طائل من تكراره..لأنه وببساطة لا يقدّم حلولاً ناجعة أو بديلة، فالكاتب أو الأديب أو الشاعر أو المبدع بشكل عام يخاف من طرح الخواتيم والنهايات….
أما في حالة الرمزية والتأمل وفلسفة الحياة والموت والاستعانة بالرمز والأسطورة وتناسل الآلهة ترى المتابعين يدورون في حلقة مفرغة، فالكاتب أو المبدع ينأى بنفسه عن كلّ مايدور ويجري من أحداث ويرمي المتلقي في دوّامة معايير وأسس القياس المناسبة لكل متلقٍ ليأتي النصّ يرسم الأفكار بحسب ثقافة القارئ، وبحسب حُكم الناقد، وبحسب بذخ العرض إذا ماوافق شنٌّ طبقه….
التوجّس عند الكاتب أو المبدع بأيّ لون من ألوان الفن أو الأدب ينتقل بشكل تلقائي نحو القارئ أو الناقد ويُفقِد الأدب وفنونه صوته المميّز وعمقه الفكري واستراتيجياته التي باتت هنا من المُحال…
الطموح نحو علوم إنسانية باستراتيجيات فكرية لن يتوّجها أدب واقعي وآخر رمزي تسيطر عليهما الكآبة والسوداوية والعالم المتوحّش، لابدّ من عملية توليد للأفكار، للخروج من دائرة العلاقات اللاإنسانية التي يفرضها العالم المتمدّن _ المتحضّر _ عالم السوق والسوء…. عالم يفرض نفسه بكلّ أسف حتى على الفكر وأقلام المبدعين الذين من المفترض هم من يفرضون على العالم فكرهم وإبداعهم…وعلى العالم أن ينصت جيّداً لتوالد أفكارهم….إن وُجِدَت ….!!!!
رؤية- هناء الدويري