الثورة أون لاين – تحقيق رفيق الكفيري:
الارتفاع اليومي واللامسبوق بأسعار المادة العلفية في الأسواق المحلية، فرض واقعاً مزرياً على مربي الثروة الحيوانية، وآخر أشد وقعاً على المواطنين حيث أدى ارتفاع أسعار اللحوم العائد لارتفاع أسعار المواد العلفية وحسب قولهم إلى غياب اللحوم عن موائدهم في ظل ارتفاع أسعارها المتصاعد، وأن زمن الشراء بالكيلو بالنسبة لهم قد ولى وأصبح الشراء بكميات تقل كثيراً عن الخمسمائة غرام في أحسن الحالات وخاصة بالنسبة لذوي الدخل المحدود والأسر الفقيرة، إذ وصل سعر الكيلو غرام الواحد للحم الغنم 15000 ليرة وسطياً، والعجل 12000 ليرة، أما اللحوم البيضاء فحالها ليس بأفضل، فسعر كيلو الفروج المذبوح وسطياً 4000 ليرة و5800 ليرة للشرحات.
عزوف عن تربية المواشي:
عدد كبير من مربي الثروة الحيوانية ونتيجة الأعباء المادية التي أثقلت كواهلهم دفعت بهم إلى العزوف عن تربية المواشي والعمل على بيع ما يمتلكون منها بعد أن وصل سعر طن النخالة إلى 250 ألف ليرة، إضافة لوصول سعر الطن الواحد من فول الصويا إلى حوالي المليون ونصف المليون ليرة، علماً أن هذا النوع من الأعلاف غير متوافر حالياً ولا يوجد بديل له، وسعر الـ 50 كيلو غرام من الكبسول للأبقار إلى 38 ألف ليرة وطن الشعير يتراوح سعره بين 500 و600 ألف ليرة سورية.
المقنن العلفي لا يكفي:
ولفت المربون إلى أن المقنن العلفي المقدم من مؤسسة الأعلاف لمواشيهم قليل وغير كافٍ، وهو يوزع كل شهرين مرة واحدة و١٠ كيلو علف للرأس الواحد، يضاف لذلك ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية، فسعر علبة الدواء الواحدة الخاصة بالالتهاب تتجاوز ٢٠ ألف ليرة، ناهيك عن ارتفاع أسعار القشات الخاصة بالتلقيح، والمضاف إليها أجور الأطباء البيطريين خاصة وأن سعر الفحصية يفوق ١٢ آلاف ليرة.
اتحاد فلاحي السويداء يؤكد:
رئيس مكتب الشؤون الزراعية والثروة الحيوانية في اتحاد الفلاحين بالسويداء أكد أن ارتفاع أسعار المواد العلفية انعكس سلباً على واقع تربية الثروة الحيوانية بالمحافظة، وأثقل كواهل المربين ورتب عليهم أعباء مادية كبيرة، ما دفع عددا كبيرا من المربين لبيع ثروتهم الحيوانية وبأسعار غير مناسبة ووقوعهم تحت رحمة التجار، ودعا الأمر المربين إلى التوجه إلى زراعة المحاضيل العلفية للحفاظ على هذه الثروة الوطنية الهامة.
إغلاقات بالجملة لمحال بيع اللحوم:
رئيس جمعية القصابين بالسويداء مفيد القاضي أوضح أنه نتيجة ارتفاع أسعار الذبائح أغلق 30 محلاً لبيع اللحوم بالمحافظة خلال الفترة الماضية من أصل 150 محلاً عاملاً، بالتزامن مع توقف عدد من القصابين عن العمل وخاصة الذين لا يملكون مزارع لتربية المواشي، لافتاً إلى ضرورة دعم استمرار عمل محال القصابة في ظل الأوضاع الراهنة، عبر تثبيت أسعار اللحوم وضبط الأسواق والعمل على استيراد اللحوم المفرزة والمواشي الحية، إضافة لتأمين الأعلاف المدعومة لمزارع المربين العاملين في مجال القصابة.
ولمربي الدواجن نصيب:
أما واقع مربي الدواجن ليس أفضل حالاً من مربي الأبقار، فالمعادلة ذاتها، والمعاناة نفسها، والقاسم المشترك بينهما هو الأعلاف، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، وحسب بعض المربين يشكّل العلف 70% من قيمة تكاليف الإنتاج، وهناك 6% أدوية وكلها مواد مستوردة، وتخضع لعملية القطع، وهذا يساهم برفع الأسعار في السوق، والمشكلة الأهم التي أشاروا إليها هي خروج نحو 70% من المربين من الخدمة، وليبقى هذا القطاع مستمراً بالإنتاج لابد من دعم الأعلاف ومستلزمات الإنتاج عبر تخفيض الضرائب، والتدخل في عمليات الاستيراد وتأمينها، ودعم المربين عبر صندوق ينشأ لهذه الغاية. علماً أن سعر صحن البيض يباع بـ 4000 ليرة حالياً،وقد بدأت منشأة دواجن السويداء منذ أيام قليلة ببيع الصحن الواحد من البيض بمبلغ 3600 ليرة عبر منفذي بيعها في مدينة السويداء، وكانت المنشأة قد أنتجت خلال الأشهر التسعة الماضية نحو 7.8 ملايين بيضة.
أعلاف السويداء ماذا تقول؟
المهندس وائل الشوفي مدير فرع المؤسسة العامة للعلاف بالسويداء أشار إلى أن الفرع يقوم بتوزيع الأعلاف من المقننة من النخالة وجاهز حلوب الأبقار والأغنام وبأسعار محددة من قبل وزارة الزراعة وهي جيدة، بينما مادة الصويا لا تخضع لتسعيرة وزارة الزراعة كونها لا تباع من قبلنا، وبالتالي يتم الحصول عليها من قبل الموردين في القطاع الخاص الذين يتحكمون بسعرها، لافتاً الى أن معاناة الفرع بعدم توافر الأعلاف بدأت بالحلحلة حالياً ولاسيما بعد أن بدأ الفرع باستجرار مادة جاهزة للأغنام من فرع أعلاف طرطوس، إذ سيتم استجرار حوالي 5000 طن وأن هذه الكمية ستغطي احتياج الثروة الحيوانية ولاسيما الأغنام، مضيفاً: إن مشتريات الفرع من الأعلاف قد وصلت إلى حوالى 7000 طن نخالة أما مبيعاته فقد بلغت حوالي 3500 طن.
رأي نقابة الأطباء البيطريين:
ولتطوير الثرورة الحيوانية وتأمين مستلزمات دورتها الحياتية بعيداً عن استغلال تجار الأزمات، تقدمت نقابة الأطباء البيطريين بجملة من المقترحات إلى الوزارات المختصة عن طريق محافظة السويداء والتي أهمها وفق رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين بالسويداء – الطبيب البيطري وائل بكري، تحول مؤسسة الأعلاف من مؤسسة شرائية إلى وسيط تدير البيع والشراء، ما يقطع الطريق على تجار القطاع الخاص، عدا عن ذلك وهذا الأهم هو بيع المقنن العلفي لمربي الدواجن، خاصة بعد أن وصل سعر طن الصويا إلى أكثر من مليون ليرة، إضافة لقيام وزارة الزراعة بتشجيع زراعة المحاصيل العلفية (ذرة وشعير) على حساب المحاصيل الزراعية غير المجدية، وإضافة على ذلك فعلى الجهات المعنية التشدد بمنع التعدي على المناطق الرعوية، وذلك من خلال ضبط عملية الرعي العشوائي، وضرورة مراقبة أسعار الأدوية البيطرية، وضبط عملية تهريب المواشي إلى خارج البلاد، ومخاطبة وزارة الصناعة لشراء الصوف الناتج عن جز القطعان، علماً أن قيمة الصوف الذي تم جزه العام الماضي وبالتالي الرمي به بالعراء قدرت قيمته المالية بحوالي ٣٥٠ مليون ليرة.
بدلاً من خاتمة:
من خلال ما تقدم نستنتج أن ارتفاع أسعار المواد العلفية للثروة الحيوانية هي وراء كل ما يعانيه المربي والتاجر والمستهلك على حد سواء، لذلك لا بد من تدخل سريع لجميع الجهات المعنية لحل هذه المشكلة التي باتت تربك الجميع، والعمل بشكل جدي للحفاظ على ثروتنا الحيوانية ولسنا بحاجة إلى هدر المزيد من الجهد والوقت لأجل ذلك.