تحدثت في مقالة الأربعاء الماضي، في هذا الحيّز، عن إنجاز مشروع إعادة تشغيل محطة ضخ مياه الري وترميم وتسليك الأقنية في أرض القطاع الثالث في عروس الفرات دير الزُّور لإرواء ١٢ ألف هكتار من الأراضي الزراعية المحررة في تلك المحافظة الغالية على قلوب السوريين، وفِي بلدة الموحسن التي كانت رمزاً لشظف العيش بسبب الجفاف وانخفاض مجرى نهر الفرات عن الأراضي الزراعية ما يحتم ضخ المياه بمحطات كبيرة (١٧،٥ م٣/ثا) في القطاع الثالث، وستصل المساحة المروية إلى ١٥ ألف هكتار.
ولقد سرني أن علمت أن مشروع إعادة تأهيل القطاع الخامس، لإرواء ٥٠٠٠ هكتار من الأراضي الزراعية في قرى (الغورية ومحكان. والعشارة …..الخ ، هو قيد الإنجاز بتمويل من منظمة الزراعة والأغذية العالمية الفاو وتنفيذ إحدى الشركات الخاصة، ما يجعلنا نتفاءل أن العام ٢٠٢١ سيكون أفضل زراعياً وسيوفر لنا كميات إضافية من القمح من تلك الأراضي المروية ( مردود الهكتار المروي يتراوح ما بين ٥-٧ أطنان قمح ) ، ولعل هذه الحقيقة تدعم توجه مجلس الوزراء ووزارة الزراعة نحو استثمار الأراضي الملائمة في زراعة القمح لتوفير أقصى مايمكن توفيره من القمح محلياً، ريثما تتحرر باقي المناطق السورية من الاحتلالين الأميركي والتركي وتعود سورية مصدرة للقمح مثلما كانت قبل الحرب الجائرة عليها، ويتبدى ذلك أيضاً في الاهتمام الفائق منذ الآن بصيانة الصوامع والصوميعات، وتشغيلها والتحضير لموسم قمح ٢٠٢١ ، مع ملاحظة أن خطة قمح هذا العام ارتفعت من ١،٣٥٠ مليون هكتار إلى ١،٥٠٠ مليون هكتار ). وهذا مهم جداً بعدما كان التوجه، رداً على غياب المساحات الكبرى للقمح، أن نزرع النباتات الطبية والعطرية.
ما من شك أن ضجيج الازدحام على عدة خدمات وسلع، يغيب إلى حد كبير، ما يجب أن يسمعه ويعرفه كل الناس، عن جهود مضنية تبذل ومبالغ طائلة تنفق (٤ مليارات ليرة للقطاع الثالث ) ، لإنجاز بنى تحتية إنتاجية تعيد لسورية ألقها الزراعي الإنتاجي، في وقت ينصب فيه الجهد على إيجاد حل للاستعصاءات والأزمات العابرة، كقصة الخبز التي تم إيجاد حل للازدحام عليها على الرغم من تهافت عدد غير معقول من الراغبين في الربح السريع على شراء الخبز المدعوم (١٠٠ليرة للربطة ) والإصرار على بيعها على الأرصفة وعلى مقربة من الأفران ب ٥٠٠-٦٠٠ليرة في مشهد بات مضحكاً ومبكياً في آن معاً، لأن الخبز توفر دون ازدحام على أبواب مصانع الخبز.
فمن المؤسف، ونحن لانزال في حرب طاحنة مع أميركا وتركيا وإسرائيل ومشيخات النفط، وما تزال أجزاء جديدة من أراضينا الهامة والخصبة بالنفط والغاز والقمح والقطن في الجزيرة السورية محتلة، ( ٩٠٠ ألف هكتار من أصل ١،٣٥٠ مليون هكتار من أراضي القمح كانت في محافظة الحسكة في العام الماضي، حيث الاحتلال الأميركي والتركي لهدف جوهري وهو سرقة مواردنا ومحاصيلنا أو حرقها ).
هناك من يمتهنون صيد الأزمات ويصبون الزيت على نارها، لتحقيق أرباح – حرام – بسرعة فائقة وبأرقام خيالية تضني بسطاء البلد من ذوي الدخل المحدود، وهناك من يتفنن في تصوير أسى السوريين، في نظرة أحادية الجانب غير موضوعية تتجاهل حركة الحياة، في الأسواق الكبرى، والإقبال على الاستهلاك للسلع الغذائية بشكل خاص تصوير لأسى معزول عن مسببيه الحقيقيين، وعن الجهود الكبرى التي تبذل للخلاص منه، بالإمكانات الذاتية، المحلية – أو عن طريق دعم الحلفاء المخلصين لانتصار سورية على الاٍرهاب وهم يعلنون جهاراً: لن نسمح بسقوط سورية اقتصادياً رغم الدمار والحصار ومصادرة أموال السوريين في لبنان، ويكفي أن نشير إلى إعانة المليار دولار الروسية للنهوض بالكهرباء والصناعة في سورية مؤخراً، (وقد جاءت في أعقاب زيارة وفد سوري رفيع المستوى برئاسة الأستاذ منصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية إلى موسكو، لاستكمال تفعيل الاتفاقيات التي وقعها نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي في دمشق مع المسؤولين السوريين )، ولَم تقصر إيران ولن تقصر على صعيد الخطوط الأتمانية وهي عدة مليارات من الدولارات حتى الان .
والسؤال المر هو: ماذا يريد من يغيبون هذه الحقائق، إذا كان الهدف استعطاف الأخيار في العالم، فإن عليهم أن يكتبوا بلغات أجنبية وأن يوجهوا كتاباتهم على المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى المؤسسات والمنظمات الدولية الإنسانية أما إذا كانوا يريدون الظهور بصفة مبدعين في إيضاح حال السوريين، حال يدركه العميان قبل المبصرين، فالوقت غير ملائم أبداً للمسرحيات الهزلية والتهريج، إنه وقت العمل، والتعاون مع الوطن لتجاوز الأزمات.
أروقة محلية – ميشيل خياط