تعمد حكومة الاحتلال الصهيوني إلى استغلال الأوضاع الراهنة لتكريس احتلالها للجولان السوري، وتصعد من محاولاتها الإجرامية الهادفة لفرض قوانينها وولايتها على أهلنا الصامدين هناك، على التوازي مع تصاعد وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه في أنحاء الجولان المحتل، وتأتي عملية اقتحام قوات الاحتلال للأراضي الزراعية بهدف مصادرة 6000 آلاف دونم منها بحجة إقامة توربينات هوائية عليها، لتوضح مجددا أبعاد “مؤامرة القرن” إلى خارج حدود القضية الفلسطينية، لتمكين المحتل الصهيوني من التمدد في طول المنطقة وعرضها، وفق ما هو مخطط أميركياً وصهيونياً.
مع كل إجراء عدواني جديد تتخذه حكومة العدو تتضح أكثر أهداف الحرب الإرهابية على سورية، حيث يأتي على رأس تلك الأهداف تكريس الاحتلال الصهيوني للجولان وفرضه كأمر واقع، ولاحقاً محاولة نزع اعتراف دولي بشرعنته وفقاً للأجندة الأميركية، وهذا ما يؤكده القرار العدائي الذي أعلنه ترامب العام الماضي لجهة الاعتراف بضم الجولان للكيان الغاصب، وكشف من خلاله حقيقة المخطط العدواني المعد لسورية، وخلال مراحل هذه الحرب لم تترك الولايات المتحدة وأتباعها من أنظمة وحكومات غربية ومستعربة، وأدواتها كنظام أردوغان وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، وسيلة إجرامية إلا واستخدمتها في سياق استهداف الدولة السورية بغرض إضعافها وتقسيمها بما يخدم المشروع الصهيو- أميركي لفرض واقع جديد على الخارطة الجغرافية والسياسية للمنطقة ككل.
ممارسات الكيان الصهيوني بحق أهلنا في الجولان المحتل، وإجراءاته العدوانية المتسارعة على الأرض هي بكل تأكيد جزء من مراحل الحرب الإرهابية، التي كشفت أيضا مدى تواطؤ الأمم المتحدة، وتماهيها مع أجندات منظومة العدوان -وحكومة العدو الصهيوني جزء رئيسي فيها- فهي حتى الآن لم تتخذ أي خطوات رادعة لوقف حملات الاستيطان الصهيوني في الجولان، وتغض الطرف عن محاولة سلطات الاحتلال الاستيلاء على مساحة 6000 آلاف دونم من الأراضي الزراعية لإقامة مشروع “التوربينات” ، وكذلك لم تتخذ أي إجراء حازم يضع حداً لانتهاكات وممارسات الاحتلال الصهيوني، ولحملات القمع والاضطهاد والتمييز العنصري بحق أهلنا في الجولان المحتل، الأمر الذي يقوض مصداقيتها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، ويضعها في خانة التواطؤ والشراكة الفعلية في المؤامرة والعدوان على سورية.
الإضراب العام والشامل الذي ينفذه اليوم أهلنا في الجولان المحتل في إطار تصديهم لمشروع “التوربينات” الاستيطاني، ورفضهم المطلق لإقامته، هو رسالة أخرى لكيان العدو الصهيوني بأن كل مخططاته الاستعمارية الرامية إلى سلخ الجولان عن وطنه الأم لن تمر، وستسقط كما سابقاتها، وبأن إجراءاته الباطلة، ومحاولاته المكشوفة لفرض قوانينه العنصرية، لن يكون بمقدورها تغيير الحقائق، مهما تمادت إدارة الإرهاب الأميركية بتقديم الدعم له، وبأنهم اليوم أكثر تصميماً وعزيمة على الاستمرار في نضالهم حتى تحرير الجولان كاملاً، فإرادتهم هي الأقوى من غطرسة الاحتلال وداعمه الأميركي.
البقعة الساخنة ناصر منذر