ما يزال الرئيس الأميركي المنتهية ولايته في 20 كانون الثاني القادم، دونالد ترامب متمسكاً باتهاماته بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية التي خسرها أمام المرشح الديمقراطي جوبايدن، رافضاً الاعتراف بنتائجها، وذلك في أكبر طعنة داخلية للعبة “الديمقراطية” المتعارف عليها في أميركا، حيث واصل هجومه على الإعلام الأميركي واصفاً إياه بالمزيف، واعتبر أن بلاده باتت أشبه بدولة من “العالم الثالث” بسبب وقائع التزوير والمخالفات التي شابت الانتخابات..!
لا شك أن ترامب على دراية كاملة بديمقراطية بلاده وطرق وأساليب تزييفها، وهو على دراية أيضاً بالإعلام الأميركي الخبير بتزييف الحقائق في كل مكان خدمة لمصالح النخبة السياسية الحاكمة، فقبل أربع سنوات كان فوزه في الانتخابات الرئاسية مادة دسمة للإعلامين الأميركي والعالمي إلى جانب الكثير من الجدل والتشكيك بأحقية فوزه، حيث دخل البيت البيض على وقع المظاهرات المناهضة له، وقد اعتبر البعض صعوده المفاجئ على مسرح السياسة الأميركية جزءاً من مخططات الليبرالية الجديدة لتخريب العلاقات الدولية والهيمنة على العالم.
اللافت للنظر في الظاهرة الترامبية “الفرويدية” هو أن صاحبها يعيش أوهام الفوز رغم خسارته الانتخابات ويتصرف كما لو أنه الفائز، إذ نراه يتعمد اتخاذ القرارات المثيرة للجدل والأكثر عدوانية، وإلقاء القنابل السياسية في كل الاتجاهات في الفترة الانتقالية من أجل إرباك سياسة خلفه وتحويله إلى بطة عرجاء طيلة ولايته، ليبقى شبح ترامب وشبح قراراته الخبيثة مهيمنين على السياسة الأميركية والعالمية لأربع سنوات قادمة.
إن ما شهدته الولايات المتحدة والعالم خلال السنوات الماضية من أحداث مجنونة وتطورات غير مسبوقة لا يجعل من أميركا مجرد دولة من “العالم الثالث”، بل دولة خارج التصنيف العالمي، ويجعل من ترامب بكل جنونه ووقاحته وعقده ومشاغباته الوجه الأكثر وضوحاً وقبحاً للسياسة الأميركية من دون أي مبالغة أو تزييف..!
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود