الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
رغم الجهود الكبيرة التي تبذل من المؤسسات المعنية للحفاظ على اللغة العربية وحمايتها من التغريب، ماتزال تواجه لغتنا العربية العديد من التحديات، إن كان على الصعيد الخارجي أو من الداخل، ومن أبناء جلدتها تحديدا.
واحتفاء باليوم العالمي للغة العربية أقامت اللجنة الفرعية للتمكين للغة العربية في وزارة الثقافة ندوة تحت عنوان” تحديات العربية المعاصرة”، بإدارة د. ثائر زين الدين ومشاركة كل من د. محمود السيد نائب رئيس مجمع اللغة العربية، د. موفق دعبول عضو مجمع اللغة العربية، د. عبد الناصر عساف عضو مجمع اللغة العربية، الذي توقف عند أثر الترجمة في خدمة العربية وخصوصا فيما يخص ترجمة الألفاظ والأساليب مبينا في ذلك أمرين اثنين، أن الترجمة الدؤوب من اللغات الأخرى إلى العربية قد تركت آثارا واسعة تغلغلت في اللغة العربية المعاصرة في متنها ألفاظ ومصطلحات، وفي بناها وفي بنيتها تراكيب وأساليب، وتلك الآثار قسم يسهم في تنمية اللغة وإمدادها بما تحتاج إليه من ألفاظ ومصطلحات وتراكيب، أما القسم الآخر فهو لايناسب قواعد العربية وضوابطها، ويلحق الضيم بها.
ويضيف: إذا كان من مسؤوليات المترجم الجسام أن يحافظ على اللغة سليمة من الشوائب، وعمله في ذلك يكاد يلامس عمل اللغوي في جانب منه، يسعى إلى نقل المعاني وصوغ الألفاظ والمصطلحات المناسبة، ويطور مخزونها، ويوسع آفاقها لتتلاءم وحاجات العصر، فإن على اللغويين مسؤولية رصد الآثار اللغوية للترجمة والتدقيق فيها وتنقيتها من شوائبها، بما يحصن اللغة ويحميها من الضياع في عولمة ثقافية وفكرية ولغوية طاغية.
د. موفق دعبول: سورية تتقدم في المحتوى العربي
وبين د. موفق دعبول في محوره” المحتوى العربي على الشابكة” أن المحتوى العربي يعني جميع المعارف المكتوبة باللغة العربية والمعدة للنشر على الشابكة، ولكن كما يرى الباحثون إن إقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية يحتاج جملة من الأمور أهمها إطلاق حريات الرأي والتعبير، وتوطين العلم والنهوض باللغة العربية، إلى جانب إثراء التنوع الثقافي داخل الأمة والانفتاح على الثقافات الإنسانية الأخرى.
ويضيف: أما فيما يخص المحتوى العربي في الشابكة فهو لايشغل إلا 3% من نسبة المحتوى العالمي رغم أنها نسبة غير ثابتة، ومن أسباب ضعف المحتوى العربي أن معظمه يتجه نحو الترفيه السخيف والألعاب، وعدم أصالة الكثير من البحوث والكتابات والنقل عن الآخرين بغياب التشريعات التي تحمي حقوق الملكية، هذا إلى جانب أن العلميين في العالم العربي لايجدون ضالتهم باللغة العربية، فمعظم المحتوى العربي على الشابكة مكرور أو منسوخ.
ومع ذلك فسورية تتقدم في المحتوى العربي، فالتعليم باللغة العربية، ولايوجد جامعة سورية إلا وفيها كلية معلوماتية، وقد أصدر السيد الرئيس في عام 2007 قرارا بتشكيل لجنة تمكين اللغة العربية، ولها لجان فرعية قامت بإنجازات عديدة للحفاظ على اللغة العربية.
د. محمود السيد: الوطن الروحي لأبناء الأمة العربية
ومن جهته أوضح د. محمود السيد أن ثمة تحديات كثيرة تواجه اللغة العربية إن كان في الماضي على يد المغول والتتار وسياسة التتريك، ومن الاستعمار الفرنسي الذي حاول إبعاد اللغة العربية وفرض لغته الفرنسية مكانها وكذلك فعل الاستعمار البريطاني والإيطالي.
أما في الحاضر فهناك تحديات خارجية وتحديات نواجهها من الداخل، من أبناء جلدتها للأسف، ومن هذه التحديات التلكؤ في إصدار قرار التعريب الذي ينبغي أن يكون مطبقا في جميع الدول العربية، إضافة إلى التلهيج” اللهجات” هذا إلى جانب المحاصرة من اللغة الأجنبية وتبني نفر من أبناء الأمة العربية اللغة الأجنبية مكان اللغة العربية في العملية التدريسية في الجامعات، إن في دول الخليج أو دول المغرب العربي، وتبقى سورية متميزة في اعتمادها للغة العربية.
ويضيف السيد: ومن التحديات عدم مواكبة اللغة العربية لروح العصر بشكل جاد وفاعل من قبل الجامعات واتحاد المجامع اللغوية، ومن التحديات أيضا العزوف عن القراءة، وضآلة نسبة مستوى المحتوى الرقمي العربي على الشابكة، ولايمكن تجاهل البعض من أبناء الأمة العربية ممن ليس لديهم الانتماء الواعي لهذه اللغة التي حملت حضارة أمتهم والتي هي هوية أمتهم ولغة القرآن الكريم، والتي هي الوطن الروحي لأبناء الأمة العربية.
ويخلص للقول بأنه لابد من تشريعات رادعة للحول دون الاعتداء على حرمة هذه اللغة، وأن يتجسد الانتماء في معرفة هذه اللغة وفي الاعتزاز والافتخار بها على الصعد كافة.