الثورة أون لاين – رشا سلوم:
الثقافة هي خط الدفاع الأول والأخير عن الوجود الوطني والقومي والاجتماعي والإنساني، لأن الثقافة في أحد تعريفاتها كما يقول الدكتور وهب رومية في كتابه الجديد، “من قضايا الثقافة” : هي الإنسان نفسه، هي أسلوبه ونظم عيشه عاداته وتقاليده وتفكيره، أسلوب حياة لشعب ما ومنه للأفراد..
والحضارة غير الثقافة تماماً فليس بالضرورة أن يكون كل شعب حضارياً مثقفاً أبداً فالحضارة إنجاز مادي من الصناعات المختلفة قد تجد من يقود أفخم السيارات ولكنه لا يملك من الوعي الثقافي شيئاً.. وهذا موجود في العالم كله.
من هنا ينقل وهب رومية عن ابن خلدون قوله: إن الحضارة ترقى بماديات الإنسان ولكنها تنحدر بمعنوياته، وإلى هذا يشير مفكرون غربيون أن الحضارة تنحدر بالمعنويات خلافاً للثقافة،
والحضارة عالمية أي تنتقل من بلد لآخر، لكن الثقافة محلية وشخصية وبعبارة أخرى كلما كانت الظاهرة الاجتماعية أكثر التصاقاً بطبيعة البلد الذي ظهرت فيه كانت ثقافية، وكلما كانت ملامحه عالمية كانت حضارة.
من هنا علينا أن نتنبّه إلى أن الغرب يريد اغتيال الثقافة الخاصة بنا من خلال ما يضخّه من مصطلحات مضللة ومفاهيم متعددة صارت ظواهر انحلال الليبرالية الجديدة التي أشار إليها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته في جامع العثمان وحذر مما تتركه في المجتمعات من أثر.
والعولمة هي أيضاً الداء الذي يستهدف الثقافات ويعمل على تفكيك الأوطان وتمزيقها، يرى وهب رومية أن العولمة ليست ظاهرة اقتصادية ومالية لا غير ولكنها ظاهرة مركبة معقدة بإبعاد اجتماعية وثقافية، تعني توحيد العالم ودمجه وتنميطه ثقافياً واجتماعياً وسياسياً لفرض التصور الأميركي على كل شيء، من السيادة الوطنية إلى كل ما في الحياة.
تجبر العولمة الدول الوطنية على التخلي عن كل وظائفها لتصبح دولاً فاشلة.
وفي الثقافة تنعي نشر القيم الأميركيّة ومبادئها وتعميمها، كما تنعي تنميط الثقافات الوطنية لتكون نسخة من الثقافة المركزية الأميركية لا على سبيل التكافؤ إنما الإحلال والتبعية والتهميش، وحين تقوّض العولمة الثقافات الوطنية والعادات والتقاليد،فإنما يعني ذلك أنها تقوّض الانتماء والهوية.
من هنا تأتي ضرورة العمل على التحصين الثقافي والفكري كما تحدث السيد الرئيس بشار الأسد وهذه مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة إلى كل مؤسسات الدولة وعلينا نقلها من التنظير إلى الفعل.