التطبيع.. والمأزق الوجودي للكيان العبري

حتى الآن أنجزت أربع من ست دول تحدث عنها ترامب أنها ستطبع مع الكيان العبري قبل انتهاء ولايته، ومن السهولة معرفة من هي الدولة الخامسة (السعودية)، فالسعودية تقوم عملياً بالتطبيع في العلاقات على كلّ المستويات منذ زمن بعيد وآخرها وليس أخيرها زيارة نتنياهو برفقة رئيس الموساد لنيوم ولقائه ابن سلمان بوجود بومبيو.

قد يبدو أن ما يبديه البعض من استغراب للوقاحة التي تتصرف بها الأنظمة المطبعة في مسار الذلة والإذعان والهرولة للحاق بقطار التطبيع أمر طبيعي وسيمرّ مرور الكرام، نظراً لأن (إسرائيل) هذه ما زالت في وجدان الشعب العربي عدوة ومغتصبة وسبباً لكلّ الأزمات والويلات التي حدثت للشعب العربي الذي ما زال يحلم بالوحدة، وبعودة إلى التاريخ القريب والبعيد نجد أن الاستغراب في غير محله لأن تلك الأنظمة لم تكن يوماً عدواً لإسرائيل، و لم تعمل يوماً من أجل فلسطين بل العكس من ذلك فهي لم تتوقف يوماً عن تخدير الفلسطينيين وتمكين إسرائيل من كسب الوقت لتتم عمليات الاحتلال والقضم وصولاً للإجهاز على كامل فلسطين التاريخية.

صحيح أن الألم كبير عندما نسمع بعض التصريحات ونشاهد كيف أقيم هنا وهناك حائط مبكى آخر، وكيف تقام مقرات أمنية إسرائيلية، لكن قراءة موضوعية في عمليات التطبيع و آثاره و مفاعيله توضح لنا صوراً هامة، منها أنه أزال أوراق التين عن عورات الدول العربية، وأظهرها على حقيقتها الخيانية لقضية فلسطين، ومن يريد أن يعرف أسفار الخيانات المرتكبة من حكام عرب بحق فلسطين، عليه أن يعود بالذاكرة إلى حرب الإنقاذ وكيف كانت تسلم الأرض إلى الصهاينة بعد تحريرها من تشكيلات جيش الإنقاذ، ومنذ ذلك الوقت والخيانات مستمرة.

كما كشف الدور الوظيفي السلبي للجامعة العربية التي تستعد لفسح المجال أمام قيام (جامعة الشرق الأوسط الإقليمية) التي يتحول فيها العرب المطبعون إلى خدم لـ (إسرائيل) التي ستقود المنطقة بتنسيق مع تركيا وبإشراف أميركي مباشر.

لقد رسم المهرولون نحو التطبيع الخريطة الاستراتيجية في المنطقة، وستقام المحاور والتحالفات الواضحة والخالية من الخونة، وبهذا يمكن لمحور المقاومة وحلفائه وضع استراتيجية المواجهة بوجهيها الدفاعي والهجومي دون أن يقع فريسة التضليل والخداع.

لقد وضع التطبيع الشعوب العربية أمام أمرين، الأول أن يمتنع كلياً عن التعامل مع كلّ من ينتمي أو يتصل بالعدو الإسرائيلي والثاني شنّ أوسع الحملات للمقاطعة.

أما العدو الذي يتباهى اليوم بما قام بإنجازه حتى الآن، يعلم في العمق أن اجتياحه التطبيعي للعالم العربي وأنظمته لم و لن يحقق له سلاماً واستقراراً في ظلّ وجود محور مقاوم تتنامى قوته، ولن يوفر لمن طبع من العرب مصلحة أو يكرس وضعاً مريحاً في السياسة والاقتصاد، كما أنه لن يوفر أمناً لجسم غريب وجد أساساً لتمزيق المنطقة العربية وتفريق شعوبها من المحيط إلى الخليج لأنه غدة سرطانية لابدّ من إزالتها مهما تغيرت الظروف، و لن يحلّ له مأزقه الوجودي في ظلّ قوة محور المقاومة الرافض لهذا الوجود وقوته المتصاعدة.

وإن غداً لناظره قريب.

معاً على الطريق- د.عبد الحميد دشتي

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة