الملحق الثقافي: الهام سلطان:
«دروب معبدة بالآلام» هو الجزء الثاني الذي ضمّنه الدبلوماسي والسفير السابق والكاتب «سليمان حداد» ما لديه من مذكراتٍ احتفظ بها عبر مرحلتين، الأولى استمرت خمس عشرة سنة قضاها في قبرص، والثانية عشر سنوات في المانيا والدول الاسكندنافية.
محطاتٌ هامة في حياته، ومواقفٌ وآراء وأفكار، لرجلٍ كان من المقاتلين في الجيش العربي السوري، ومن ثمَّ دبلوماسياً وعضو مجلس للشعب، ونائباً لوزير الخارجية.
إنه كتابٌ يتماهى بين السيرة الذاتية للكاتب، وبين سيرة الوطن السوري، وفيه تشهدُ قامات سورية كبيرة على ما قدمه السفير والكاتب «حداد» على مدى سنوات عمله النضالي والدبلوماسي والإنساني.
كل هذا، تمَّ تناوله الأسبوع الماضي في المركز الثقافي العربي بأبي رمانة، وضمن حفلٍ أقيم لتوقيع كتابه، وبحضور نخبة من الإعلاميين والمثقفين والسياسيين، وقد شارك بالإضاءة على الكتاب الدكتور «محمود السيد» وزير التربية والثقافة السابق، والإعلامي الدكتور «فايز الصايغ» والإعلامي والشاعر الدكتور «صابر فلحوط « والأديب الدكتور «جابر سلمان».
أيضاً، بحضور الأستاذ حمود الموسى» مدير المراكز الثقافية في وزارة الثقافة، والأستاذ «وسيم المبيض» مدير ثقافة دمشق، والسيدة «رباب أحمد» مديرة المركز الثقافي.
بدأ الاحتفال، بسردٍ صادق وأمين للأحداث التي عاصرها الكاتب، والرجال الذين صنعوا هذه الأحداث في سورية، ومنذ قيام ثورة البعث، ومهمته كملحقٍ عسكري وسفير في قبرص، ومن ثمَّ مهامه كسفيرٍ لسورية في ألمانيا، ومراحل بناء البيت السوري العظيم هناك.
بعد هذا السرد، كان أجمل ما افتتحَ به الاحتفال، قصيدة لشاعر الوطن وقيثارة العروبة.. الشاعر «سليمان العيسى» صديق الكاتب، والشاهد على مراحلٍ مهمة من حياته، والقائلُ عن «دمشق.. كتاب الضوء»:
كتاباً كنتُ ملءَ الدهرِ.. ملءَ الدهرِ ما زلتُ
وأقوى قصَّة في الأرض..
بين جوانحِ التاريخِ غَلغَلتُ
تلمّونَ البقايا من عبيري.. ساطعاً أبداً
وترتجلونَ عاصمةً من اسمي
أيُّ لفظٍ يبقى خارجَ الكلماتِ إن قلتُ؟:
طبعتُ حكايةَ الأمجادِ باسمي.. في حنايا النورِ.
في حللٍ الدِّمقسِ.. مليكةً جلتُ
أذيعوا ياسميني في الدُّنى.. لا بأسَ
قولوا مِلءَ حنجرةِ العُلى
إني كتاب الضوءِ.. ملءَ الدهرِ.. ما زلتُ
لاشك أنها البداية التي تشكّل امتناناً ووفاءً لشاعرٍ، ربطته بـ «حداد» علاقة خاصة، إضافة إلى أنه كان قد أهداه قصيدة شعر كتبت على شاهدة قبر زوجته السيدة الفاضلة، المرحومة «أم الريم».. أيضاً، كان قد كتب قصيدة «السنديانة» وهي السنديانة الموجودة في قرية الكاتب، والتي تُعتبر شاهداً على مسيرة النضال التي عاشها.
كلّ ذلك وسواه، جعل سورية لدى «حداد» هي الوطن الذي ينبض في صفحاتِ «دروب معبدة بالآلام». سورية التي ليست مهد الحضارات فحسب، بل وبلد المحبة والسلام، والتي عُرفت فيها:
«في سورية، عُرفت أول أبجدية في العالم، كما عُرف أول معجم في تاريخ اللغات.. سورية التي آمنت وبقيادة الرئيس المناضل الراحل «حافظ الأسد» بأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط هو هدف لنا، وبأن السلام الدائم والعادل هو الحل الوحيد، وأيّ حلٍّ لا يعيد للشعب الفلسطيني حقه، وإقامة دولته المستقلة على أرضه وترابه، هو حلٌ مبتور ولن يكتب له النجاح، وبأننا ننبذ الحرب وننادي بالسلام العادل، والتطورات في منطقتنا سواء كانت سلباً أم إيجاباً، تنعكس على أوروبا باعتبار أن أمنها مرتبط بالأمن في الشرق الأوسط».
في ختام حفل توقيع الكتاب، تمَّ عرض صور عن السفارة السورية في بون. هذه السفارة التي تحمل التاريخ والتراث والحضارة والإرث الثقافي والتاريخي السوري. تمَّ عرضها شامخة على نهر الراين، تحكي قصة الأرض السورية التي لا تغيب عنها الشمس وإشعاعاتها، مثلما يحكي «حداد» ما يؤكد عراقتها و «دمشق» عاصمتها:
«لقد قررنا أن يكون هذا البناء ذا شخصية عربية، يعبّر عن التراث العريي المعاصر، وقد اعتمدنا في دراستنا هذه، على الأسس والعناصر المكوّنة للبيت الدمشقي المتميز بفسحاته السماوية، وبركه المائية والنوافير، والمطلات العلوية والمشربيات والأقواس العربية، ولقد راعينا أن ندخل الزخارف والنقوش الشامية، في الأرضيات والسقوف والجدران الداخلية، ولقد حرصنا على المحافظة على التراث العربي وإحياؤه فهذا هو تاريخنا..»..
أخيراً: تمَّ توقيع كتاب «دروب معبدة بالآلام» وبوجود شخصيات إعلامية وثقافية وأدبية ودبلوماسية، وضمن جو يسوده الفرح والأمل والأمنيات بنهايةٍ لكلّ ما عاشه هذا الوطن، ولكلِّ ما عانى منه أبناؤه من الآلام.
التاريخ: الثلاثاء22-12-2020
رقم العدد :1025