هل التنوير ضد الإسلام؟.

الملحق الثقافي: د. عدنان عويّد :

إنَّ طرح أيّ قضية نعتقد بأنها تساهم في تقدم هذه الأمة أو تخلفها، يتطلَّب منا وضعها على بساط البحث والنقاش والتحليل لمعرفة دورها وأهميتها وكيفية التعامل معها، وها نحن اليوم، وأمام ضرورة تنوير عالمنا العربي المغيّب حضارياً، وعلاقته بقضية الخطاب الديني الإسلامي، وخوف بعض المتنطعين عليه من التنوير. ها نحن اليوم، نطرح السؤال التالي: أين هي مكامن الخوف على الدين من التنوير؟.
الدين برأي الجميع ينقسم إلى: «عقائد، عبادات، معاملات».
إذاً، هل هناك من يعمل منّا على مسألة التنوير، وينكر وجود الله والتوحيد به؟.. لم أجد ذلك، فالكلّ يعترف بوجوده ووحدانيته وربوبيته، وإن وُجد هناك آراء لدى التنويريين تشتغل على الجانب العقيدي، فهي تشتغل في الرد على الذين لا يزالوا يشتغلون من القوى الظلامية التكفيرية على قضايا القضاء والقدر، والصفات، والقدم، والمعاد، والرؤية، والكلام، والجنة والنار، والخلق والزمان، وهذه قضايا أُشبعت نقاشاً منذ ظهور علم الكلام في الفكر الإسلامي على يدي المعتزلة والأشاعرة ولم يصلوا إلى نتيجة، حيث اشتغل عليها الكثير من الفلاسفة الإسلاميين، وقد تجسدت هذه الأفكار في كتابيّ، التهافت للغزالي، وتهافت التهافت لابن رشد.
السؤال المشروع الذي يطرح نفسه علينا اليوم أيضاً: ماذا حققت هذه الحوارات حول مسائل العقيدة سوى التكفير والزندقة لبعضهم، وسوى قتل البعض وسجنه وحرق كتبه؟!. ثم ظهور الفرق والطوائف وانقسام المسلمين إلى ثلاث وسبعين فرقة، كل واحدة تقول بأنها الفرقة الناجية، علماً أن النقاش في هذه القضايا لا يعلم جوهره إلا الله.. لذلك، من منا يستطيع أن يجزم مثلاً بأن الله يُرى بالعين المجردة يوم القيامة، وهو الذي يقول عن نفسه: «ليس كمثله شيء»؟.
أما بالنسبة للعبادات: فمن منا وقف ضد الصلاة أو الصوم أو الحج …الخ. لا أظن أن هناك أحداً.
ننتقل إلى مسألة المعاملات، وهي مسألة تدخلنا بمجال الفقه، والفقه أساساً وضع لحلِّ قضايا الناس وخلافاتهم في حياتهم اليومية المباشرة، حيث وضعت الفتاوى لهذا الأمر. ومن هذه الفتاوى ما هو نص ديني قرآني، ومنه ما هو حديث للرسول مسند ومشهور، أو يتفق في متنه مع النص القرآني، وغالباً ما يُؤخذ بسنده فقط، ومنه ما هو موضوع ومنحول… الخ، كما وضعت أسس للاجتهاد وضعها الشافعي في كتابه الرسالة، حيث حدَّد مصادر التشريع بالقرآن والحديث والاجماع والقياس، ولكن كل منتجات الاجتهاد ظلت محكومة حتى اليوم بمناهج التفسير والتأويل القروسطي، دون النظر بمقاصد الدين الإنسانية الواردة في القرآن والحديث، بالرغم من وجود الكثير من المجتهدين التنويريين الذين أقروا «بتبدل الأحكام بتبدل الأحوال» فكانت عندهم المصالح المرسلة والاستحسان وقول الصحابي وغيرها من قواعد التشريع الفرعية لمجاراة تطور أحوال الناس.
مشكلتنا مع الفقه، هي مع الفقهاء الذين يرفضون حركة وتطور الواقع، ولا زالوا يتعاملون مع قضايا عصرنا بعقلية القرون الهجرية الثلاثة الأولى، ومحاولة لجم حركة الواقع ولوي عنقه كي ينسجم مع ما جاء في صحيحي البخاري ومسلم، وبالتالي فكل جديد عندهم بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، كما اتكأوا على حديث فهموا دلالاته خطأ، وهو: «من شاهد منكراً فليغيّره بيده» إلى آخر الحديث، فباسمه أوجدوا «الحسبة» التي كان من نتائجها في عصرنا الحديث، تطليق زوجة «حامد أبي زيد» من زوجها، لأنه خالفهم الرأي باستخدامه للعقل، أو قاموا بتعليق الناس المختلفين معهم وصلبهم وذبحهم وأكل أكبادهم!!!. كما فعل الدواعش والوهابية، وغيرهم.
باختصار: الدين بالنسبة لنا اليوم مقاصد، وخاصة في المعاملات، فالزمن يتغير ويتطور في معاملاته، والعلم يتطور، ومناهج البحث تتطور وخاصة المتعلق منها بالعلوم الإنسانية. كل ذلك يتطلب منا أن نعمل على تجديد فقهنا وفقاً لمصالحنا، فنحن خلفاء الله على هذه الأرض، أما من يقول غير ذلك فهو يفكّر ويسير عكس التيار.

 كاتب وباحث من سورية
d.owaid333d@gmail.com

 

التاريخ: الثلاثاء22-12-2020

رقم العدد :1025

 

آخر الأخبار
أنغولا بطلاً لسلة إفريقيا للمرة الـ(12) الدفاع المدني في اللاذقية يسيطر على حرائق عدة بالمحافظة غرفتا الصناعة والتجارة في حلب تبحثان آفاق التعاون وتوحيد الجهود لخدمة الاقتصاد المحلي  د.نهاد حيدر ل"الثورة".. طباعة عملة جديدة يحتاج لإجراءات إصلاحية  ينعش آمال الأهالي ببيئة أنقى.. قرار بوقف "الحرّاقات" في عين العبيد بريف جرابلس  ضبط تعديات على خطوط ضخ المياه بريف القنيطرة الجنوبي تراجع ملحوظ  في إنتاجية العنب بدرعا.. وتقديرات بإنتاج 7 آلاف طن   وزير الاقتصاد يبحث في حلب مع وفد تركي فرص التعاون والتطوير العقاري حلب تستضيف الندوة التعريفية الأولى لمشروع "الكهرباء الطارئ" في سوري الإنسان أولاً.. الصحة تطلق مشاريع نوعية في ذكرى استشهاد محمد أمين حصروني بحث عودة جامعة الاتحاد الخاصة وتسجيل طلاب جدد التحالف السوري- الأميركي يدعو الكونغرس لرفع كامل العقوبات عن سوريا لتراجع إنتاجيته .. مزارعو عنب درعا يستبدلونها بمحاصيل أخرى تركة ثقيلة وخطوات إصلاحه بطيئة.. المصارف الحكومية تراجع دورها ومهامها استئناف العمل بمبنى كلية الهندسة التقنية في جامعة طرطوس فرص استثمارية ودعم للمبدعين.. "التجارة الداخلية" في جناح متكامل بمعرض دمشق الدولي "الجريمة الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني".. التركيز على دور الأسرة في مراقبة الأبناء وتوجيههم إزالة 22 تجاوزاً على مياه الشرب في درعا سبعة أجنحة للاتحاد العام للفلاحين بمعرض دمشق الدولي.. غزوان الوزير لـ "الثورة": منصة تلقي الضوء عل... " سوريا تستقبل العالم " .. العد التنازلي بدأ.. لمسات أخيرة تليق بدورة معرض دمشق الدولي