الثورة أون لاين – غصون سليمان:
تغريك شوارع العاصمة دمشق التي تحسب خطوات وأنفاس المارة بالملايين يوميا ، فهي الغافية في قلوب ناسها وأهلها وزوارها المتنوعين ، ورغم تعب الأقدام فهي لم تتعب مهما اتسعت مساحة البؤس والبؤساء وتعددت أوجه المتفائلين والمتشائمين بالحياة .
من دوار كفر سوسة أراد بعض الأصدقاء وأنا منهم أن نلتقط أنفاسنا بمشوار طوعي اعتدنا عليه منذ سنوات في جولة بحث ورصد ، لتغيير نوافذ الرؤية النفسية و نمط الروتين في بعض الأحيان ، أولتلبية دعوة عمل أو موعد زيارة ما ، أو لقضاء حاجة و شراء بعض الضروريات ، فالخطوات عبرت مروراً بالحلبوني والبرامكة إلى جسر فكتوريا ، ساحة المحافظة ، إلى الصالحية .. الحمرا وغيرها من زوايا وزواريب الأمكنة التي تعج بالصغير والكبير من أبناء الشعب السوري الذين يتدفقون كالنبع الهادر .
فأينما تجولت بنظرك ، تجد حالة ازدحام الناس أمام محال الأطعمة على اختلاف أمكنتها وماركاتها غير آبهين بكل التعليمات والإرشادات والنصائح التي تحذر من مخاطر انتشار فيروس كورونا وضرورة مراعاة شروط التقيد و الحيطة ، حفاظاً على صحة الفرد أولاً ،والمجتمع ثانياً .. الإهمال واضح بكل ما للكلمة من معنى ، هناك تفاوت كبير في ارتداء الكمامة بين كبار السن أو متوسطي الأعمار الملتزمين بوضعها إلى حد كبير فيما شريحة الشباب من الذكور والإناث واليافعين يعكسون الصورة المناقضة لعدم الالتزام إلا فيما ندر .
وكذلك الحال في حافلات نقل الركاب لاسيما النقل الداخلي الذي يشهد أكبر نسبة ازدحام في مساحة مغلقة من مختلف التجمعات البشرية مايجعلك تقول بينك وبين نفسك .. “لولا لطف الخالق لما بقي جسد دون إصابة “
فالبعض منا يعتب على الإجراءات الحكومية الردعية بأنها غير صارمة أو ماشابه ذلك ، لكن الحقيقة تشي بأن الإنسان والمواطن هو نفسه يتحمل الجزء الأكبر في هذا الموسم الموبوء بجائحة كورونا ، حيث الإهمال واللامبالاة بقصد أو غير قصد ، أو لعل إيقاع الحياة بظروفها الاقتصاديةالصعبة والضاغطة على النفوس والجيوب معاً ، لم تترك متنفساً للراحة ، وقلصت مساحات التفاؤل ، ماجعل البعض من الناس يستسلم هنا ويتمرد هناك حسب تفكير كل منهما ، ورؤيته القدرية .
وبعيداً عن وجع الأيام ومالحق بها من تبعات اجتماعية ونفسية .. فإن لدمشق العاصمة ، سر الخلود في كل نفس ، إنها مدينة العشق والسحر ، والجاذبية ، لكل رواردها ومرتاديها ، تلك المدينة التي لايعرف ليلها من نهارها ..تغمرك بصخب أنسها الدافىء رغم مساحات الصقيع