ودعت مدينة مصياف الأسبوع الماضي العشرات من أبنائها بسبب فيروس كورونا، من أعمار ومهن مختلفة، لكن أغلب الراحلين بعمر الشباب، والبعض منهم من الكادر الطبي والتدريسي وباختصاصات متنوعة.
أعاد المرض هجومه بظروف خدمية ومعيشية أقل مايقال عنها سيئة، لأنها كارثية، إذ تكاد الكهرباء لا تزور البيوت والعيادات والمشافي.
لم يوزع المازوت للتدفئة، وفوق ذلك انقطاع متواصل للمياه يصل إلى عشرة أيام، يلجأ فيها الأهالي ممن يملكون بعض المال لتعبئة خزانات بيوتهم من صهاريج لايعرفون إن كانت نظيفة أم لا، لكن الحاجة دفعتهم لهذا الحل كما يقولون.
إذا كانت فرص النجاة من فيروس كورونا مرتبطة بالنظافة والدفء والتغذية السليمة، فهذه المقومات الثلاثة هجرت المدينة وتركت أهلها لعتمة البرد والقبر.
تصلنا قصص ضحايا كورونا، لتؤكد مسؤوليتنا نحن كأفراد في الحفاظ على أنفسنا من الاصابة، أو في مداواة أنفسنا، لأن المشافي والمراكز الصحية الحكومية لم تعد قادرة على استقبال الجميع، أما المشافي الخاصة فتلك حكاية من التكلفة الباهظة وعدم استقبال الحالات.
لكن السؤال في حالة المدن كمدينة مصياف هل يكفي تحمل الأفراد لمسؤوليتهم تجاه صحتهم؟ أم أن هناك مسؤولية حكومية تبدأ من البلدية والمحافظة ووزارتي الصحة والتربية، لتأمين مقومات مواجهة المرض من مياه النظافة والشرب، ومازوت للتدفئة؟ وتقديم معونات طبية تضم بعض المتممات الغذائية الداعمة للمناعة.
مصياف ليست المدينة الوحيدة التي تواجه عتمة البرد، وسوء الخدمات، وليست المدينة الوحيدة التي يقف من هم مسؤولون عن إدارتها وحمايتها لا يتقدمون خطوة نحو الأهالي للمشاورة والتشاركية بابتداع حلول، تخفف من وطأة العتمة والبرد والموت.
عين المجتمع -لينا ديوب