رغم حداثة عهد تجربة الأسواق الشعبية إلا أن مصيرها لم يكن أحسن حالاً من سابقاتها من التجارب والمحاولات التي لم يكتب لها النجاح والاستمرار فبدلاً من تعميمها و دعمها وتعزيزها بما ينعكس ايجاباً على المزارعين والمواطنين فقد خبا نجمها وخف بريق الحديث عنها ولم نعد نسمع عنها ما يذكر.
وجود الأسواق الشعبية غايته البيع بشكل مباشر من الفلاح إلى المستهلك بهدف كسر الحلقات الوسيطة وخلق حالة تنافسية بين البائعين وتقديم المنتج بسعر أرخص للمواطنين ولكن التجربة اعتراها الكثير من الصعوبات والعقبات وشابها الكثير من الأخطاء، فاختيار أغلب مواقع الأسواق بمختلف المحافظات كان غير مناسب وغير مدروس والخدمات الرئيسية فيها من ماء وكهرباء وبنى تحتية كالأكشاك والمظلات التي تقي من حر الصيف ومطر الشتاء غير متوفرة، عدا عن أعباء التنقل وزيادة التكاليف وصعوبة الوصول إلى تلك الساحات أو الأسواق البعيدة، إضافة إلى أن الكثير من الموجودين داخل الأسواق المخصصة للبيع بشكل مباشر للمستهلك ليسوا فلاحين ولا منتجين، بل بائعين جوالين ومنهم من يقومون بشراء بضاعتهم من سوق الهال ويأتوا لبيعها للمواطن بأقل من السوق بفارق بسيط.
في ظل الغلاء الذي تشهده الأسواق، إن تخصيص ساحات مجانية لإقامة الأسواق الشعبية كانت خطوة جيدة ولكنها ناقصة حيث كان من المفروض التفكير بالموقع أولاً وكيفية الوصول إليه من قبل الزبائن و الاهتمام بالمنظر الحضاري للسوق وتجميله ليكون نقطة استقطاب لكلّ المواطنين ، كذلك الحال فإن طرح فكرة من المنتج للمستهلك تتطلب أموراً كثيرة في مقدمتها إنصاف المزارع الذي لا يستطيع أن يعتمد على بيع كميات قليلة على مدى ساعات طويلة، حيث تبقى مسألة تسويق الإنتاج الزراعي مشكلة كبيرة يعاني منها الفلاح لذلك لابدّ من إيجاد طريقة لتعويضه عن البيع بهامش ربح قليل بما يحقق له ولغيره الفائدة وينسيه متاعب عمله طيلة العام .
من الضروري إعادة تنظيم هذه الأسواق التي لاقت تجاوباً ونجاحاً كبيرين في أيامها الأولى والتشبيك مع اتحاد الفلاحين وغرف الزراعة والصناعة والتجارة والحرفيين للمشاركة الفعّالة في هذه الأسواق وتشجيع النساء الريفيات والمزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة لتسويق منتجاتهم فيها و دعم مبادرات الصناعيين لبيع منتجات شركاتهم بسعر التكلفة بشكل مباشر إلى المستهلك والاستفادة من فكرة الأسواق وتحويلها لمعارض دائمة و خلق منافسة قوية والتأثير على الأسعار في الأسواق التجارية بما ينعكس إيجاباً على الجميع.
أروقة محلية -بسام زيود